" رحلة الى عالم الغيب " أتامل متلهفاً لعالم الغيب أهوي في عالم المجهول فتشعر روحي بنشوة غامرة وهي تدخل ابواب السماء يكسوها الوشاح السماوي مطرزاً بالنجوم تتبعني جوقة من الملائكة ترنم أناشيد السماء وتقودني الى العرش العظيم... أتسمر اركع اشعر بطمأنينة نفس اسمع صوتاً قادماً من الهالة يناديني ... أباركك وأهبك الرحمة أمجدك وأرفع من شأنك وأصطفيك من بين أحبائي قبل دخولك حديقة الخلد وانضمامك للاخرين فعليك أن تمر من خلال كل الأبواب لتشهد ثوابي وعقابي ورحمتي وغضبي وتبدأ رحلتي... سائراً فوق جسر من الضباب ملون بألوان طيف قزح اسمع صراخا وعويلا انظر الى الأسفل فأرى رجالا ونساءاً يسبحون في بحر من الحمم يأكلون الصهاري الذائبة ويشربون القطران أقف صامتاً من الهول آه ... لو أن لي جناحين خائفاً من السقوط أصلي يتكوم الضباب حولي يلفني يجذبني الى الأعماق أجاهد بلا جدوى أستسلم أغرق في دوامة الغيم متهاوياً في الأعماق أجد نفسي في كهف هائل محاطاً بسياج من النار والدخان وعلى الجدران رجالاً ونساءاً عراة مصلوبين أركض في متاهة المحرقة مرعوباً وعويلهم يصم أذني... تظهر امرأة كطاووس أتبعها ألحقها تركض مسرعة وعندما أوشكت ان امسك بها يتبعثر الريش من حولي يتلألأ أمسك الريش فوق قمة جبل من العاج الملون ويداي مملوئتان بالريش أبحث عن المرأة أراها ككتل ضباب تتلاشى تختفي انظر الى الأسفل واذا بالسماء بساط قرمزي ممدوداً فوق البحر الشمس والنجوم ككرات من نار تحترق والقمر موقد من الرماد يتطاير أرى جزيرة صغيرة أتنهد قائلاً: هذه أمي الحبيبة أشتم عبير نسائمها أغلق عيني أتنفس بعمق شديد فتأتي صرخة من روحي آه هذه جنة عدن فردوسك الموعود يطير قلبي مغرداً... فجأة أرى أناساً على تلك الجزيرة يحثون الرمال على رؤوسهم والغربان تحوم فوقهم.. أرى المسيح على الدرب الرهيب ينزف والنبي يهاجر من مكة الى المدينة طلباً للأمان... وبوذا يسافر غريباً متعباً وجائعاً وسقراط يجبر على تجرع السم وجيفارا يلاحق مطلوباً ولوركا يقطع اشلاءاً والفنانون يقايضون لوحاتهم بالخبز والشعراء يتلون قصائدهم للصم أبكي وأقول: لابد أن هذا كابوس فتعود الصرخة قائلة إبتهج أبسط يديك ودع الريش يتناثر فأنثر الريش ويظهر أمامي طير عملاق أقفز على ظهره أمتطيه فيهبط ويتحول الطائر الى امرأة ويعود كل شيء الى شكله المرئي السماء البحر الشمس النجوم اما الجزيرة فثملة حبلى بالمسرات والندى يقطر والماء يضاجع التراب... والسماء ترضعها تكسوها والشمس تداعب شعرها الذهبي والقمر يلهمها الأحلام والأساطير والبحر قاعة للرقص تغازل النجوم يغريها بالرقص والحوريات يعزفن على قيثارة الماء انغاما سحرية وطيور العندليب تشدو تراتيل السماء والأرض اقطف زهرة أركع أمامها خاطباً ودّها أقفز اصرخ فرحاً أرقص... لنحيا فيه كمعبد نصلي فيه قارباً للصيد نحيا في انسجام نقطف الأزهار نسقي الحقول نغني نرقص لا خوف لا دموع لا كوابيس يصيح الشيطان يعصره الحسد والغيرة يحرض الظربان الأفاعي الذئاب الكلاب المسعورة لتقرع طبول الكراهية والحرب فأرى النور على هيئة رجل يحزم امتعته يستعد للرحيل وقبل أن يرحل يدخل الظلام ... يقتله... تفتح أبواب الجحيم يُخرج الشيطانُ كل افاعيه يمتطون تيتاناً مسلحين بالوحوش والحيوانات البرية تقودهم " هيدرا " والشيطان ينثرون سُمُومَهُمْ ونيرانهم التي يغذيها الحقد يتركون الدمار وراءهم يحرقون البحر يذبحون الحياة يلوثون الأرواح يخطفون الشمس يغتصبون القمر أستيقظ أشتم رائحة الدخان والرماد أصرخ إلهي لقد فقدتُ فردوسي.. ووجه الشيطان الأفاعي الذئاب ماتزال تطاردني أحمدُ اللهَ على مخاطر الجحيم التي سيرثونها جميعهم لتكون مسكنهم الأبدي
