المستخدمين
المستخدم:
كلمة السر:
المنتديات اتصل بنا تسجيل الرئيسية
 
Your Ad Here
شاعر الأسبوع
شاعرة الأسبوع
قصيدة الأسبوع
أخبار وأحداث New
في الليل
للشاعر عبد الرحمن الخميسي

إعدا د الدكتور أحمد الخميســـى


في الليل 

 

 

أسدلَ الليلُ يا حبيبى سُتورَهْ

ومشى فى جوانبِ المعمورهْ..

كاهنًا تخفُق الشموعُ على كفَّـ

ـيْهِ حيْرى كأنّها مذعورَهْ

حالمًا يعقدُ الضبابُ حواليْـ

ـهِ، أكاليلَ فى الدّجى منثورهْ

شاعرًا ينقلُ النسيمُ أغانيـ

ـهِ، وتَنْدَى جِوَاؤُهُ المسحورهْ

ساحرًا يبهرُ النفوسَ، ويُلْقِى

بِعصاهُ على الرياضِ الشجيرهْ

شاديًا يُنصتُ الوجودُ لموسيـ

ـقاهُ، حتى كأنّها مَنظورهْ!

عابدًا تظمأُ الصلاةُ إِليهِ

ومحاربُهُ السماءُ الكبيرهْ

ذاهلاً.. أغرقَ الدُّنى فى ذهولٍ

مُستحَبٍّ إِلى القلوبِ الكسيرهْ

ساهماً يرقصُ الخيالُ حواليْـ

ـهِ، ويُجْرِى الربيعُ فيه عبيرَهْ

راحماً يلجأُ الحزينُ إِليهِ

بشكاياتهِ الدَّوَامِى المريرهْ

شاعَ فى جَوِّهِ السكونُ، ومَدَّتْ

فيه أنفاسَها النجومُ المنيرهْ

وجَرَتْ خلفَهُ الظنونُ، وحاطتْـ

ـهُ طيوفٌ مُجَنَّحَاتُ سحيرهْ

فهو للبائسِ الطريدِ، عَذابٌ

يمسَحُ الفجرُ فى الفضاءِ سطورَهْ

وهو للعاشقِ الوفىِّ، سميعٌ

يَتَلَقَّى عن حُبِّهِ أسطورهْ

وهو للشاعرِ الكئيبِ مَلاَذٌ

ينفضُ الدمعَ فى صُوَاهْ الضريرهْ

أَقبلَ الليلُ.. آهِ يا ويلتاه مِنْ

مَقْدِم الليلِ للنفوسِ الكسيره!

أَقبلَ الليلُ.. فاستبدَّتْ بقلبى

حسَراتٌ على عهودى الخضيرهْ

وسَرَى فى دمى حنينٌ وشوقٌ

مبهمٌ.. آهِ.. ما أشدَّ سعيره

وصَحَتْ حولىَ الهمومُ.. وناشتْ

ذاتَ نفسى.. كأَنَّها مسعوره!

 

-                  2 -

-                   

أَقبلَ الليلُ فَارْتَطَمْتُ كأَنَّى

موجةٌ فوق شطّهِ المحبوبِ

قَذَفَتْ بى إليه أشواقُ روحى

وشجونى، وحسرتى، ولهيبى

وارتياحى إلى الظلامِ، ويأسى

وحنينى إلى السكونِ الرحيبِ

وهرُوبى من الحقيقةِ ياليـ

ـلُ فأَتْرعْ بخمرةِالوهمِ كوبى

آهِ.. إِنى أريدُ أنسى غرامى..

وجراحى.. وذكرياتِ حبيبى

أَبْعِدُوا الصورةَ الجميلةَ عنى

أَبْعِدُوها.. لتُخْمِدُوا تعذيبى..

أبْعِدُوا الصورةَ الجميلةَ عنى

أَبْعِدُوها.. فإِنها لحبيبى!

فهى فى مَسْبَحِ الهواءِ تهادتْ

رِقةً تبعثُ اشتياقَ القلوبِ

وهى فى جهةِ السماءِ هلالٌ

يَتَغَنَّى بنورِهِ تَشْبِيبى

وهى فى الظلمةِ المديدةِ طُهْرٌ

شاع فى رحبها النَدِىِّ الرطيبِ

وهى فى البحر.. والسماءِ.. وفى النُّو

رِ.. وفى سُحْمَةِ الظلام الرهيبِ

وهى فى الأرضِ كلهَّا.. حيوَات

ومثالٌ لكلِّ حُسنِ قَشيبِ

صاغها الله من مفاتن هذا الكوْ

نِ فَنَّا لكل فنٍّ ذهيبِ

أَبْعَدوا الصورةَ الجميلةَ عنى

أَبْعَدُوها لتُخْمِدُوا تعذيبى..

كيف أنّى أريد أنسى غرامى

وجراحى.. وذكريات حبيبى،

وإِذا أُطْبِقَتْ جُفُونى، تَرَاءى

فى ضلوعى كالنورِ وَجْهُ حبيبى؟

أيها الليل.. قد فَزعْتُ إلى عطْـ

ـفِك من ظُلْمِ حُرقتى وكُربى

أنا أهواكَ يا ظلامُ، فأَطْفِئْ

لى دراريكَ، واستمعْ لنحيبى!

ولتكُنْ فى النسيم منكَ شَكاتى

إِرْوِها للسماءِ عن مكروبِ!

 

-                  3 -

-                   

أيها اللَّيلُ.. ليتنى كنتُ نجماً

عائماً فى مياهِكَ الزرقاءِ

أَقطَعُ الظلمةَ الأَتِيَّةَ لهفا

نَ إلى مخدعِ الحبيب النائى..

ثم أُضْفِى عليه منى خيوطاً

تحتويه فى ضمَّةٍ رَعْناءِ

لأُرَوّى بقُبلةٍ منه نفسى

تطلقُ الروحَ من أَسًى وعناءِ

وأُحَلِّى بسحرِ عينيه ذاتى

ثم أُزْهَى على نجومِ السماءِ

غير أنّى يا حسرتا آدمىٌّ

قيِّدتْنى أَرضيَّتى فى بنائى..!

أيها الليلُ ليتنى كنتُ عُصفُو

راً طليقاً مع السنى والهواءِ

كنتُ نَفَّرْتُ فوق نافذةِ المحـ

ـبوبِ أدعوه لاستماع غنائى

ليغنّى معى.. ويُحْكِمَ قيدى

بين كفَّيْهِ راضياً بشقائى

غير أنّى يا حسرتا آدمىٌ

قيَّدْتنى أَرضيَّتى فى بنائى!

أيها الليلُ ليت أنّى هواءٌ

سابحٌ فى حديقةٍ زَهْراءِ

أجمعُ العطرَ من ثُغورِ الأقاحِى

والرياحين فى مَدَى أحنائى

ثم أمضِى إلى حبيبى عليلاً

أَسْكَرَ البدرُ عنصرى بالضياءِ

أحملُ الطّيبَ فى فؤادى إِليهِ

وأُفَرِّى حيالَهُ أَحشائى

لأَكونَ الأَنفاسَ فى رئتيهِ

ولأَحْظَى فى صدرهِ بفنائى

غير أنّى يا حسرتا آدمىٌ

قيَّدتْنى أَرضيَّتى فى بنائى!

أيها الليلُ.. ليتنى كنتُ روضاً

مورقَ الزهرِ، وارفَ الأَفْياءِ

نمَّقَتْ صفحتى أناملُ حَسْنا

ءُ ربيعيّة النَّدى والرُّواءِ..

كنتُ نَسَّقْتُ من ورودىَ تاجاً

لحبيبى، كالهالةِ البيضاءِ

غير أنى يا حسرتا آدمىٌ

قيَّدتْنى أَرضيَّتى فى بنائى!

 

-                  4 -

-                   

أيها الليلُ يا مُقيلَ الحيَارى

والمساكين فى البلاءِ الشديدِ

فى دمى ثورةٌ يُبثُّ لظاها

هاجسٌ أَلْهَبْتُه نارُ الصدودِ

وعلى مهجتى يؤزُّ الْتياعٌ

جائعٌ للوقودِ بعدَ الوقودِ

وأنا بين ما أعانى لهيفٌ

أَتَهاوى فى قلبىَ المهدودِ

نُهْزَةٌ للشجونِ.. لكنَّ روحى

تتخطىَّ إليكَ كلَّ السدودِ

خُذْ بنفسى إلى السلامِ، وهدِّىءْ

سَوْرةَ الوجدِ فى فؤادى العميدِ

وامسحِ السّهدَ عن عيونى وصُغْ من

زفراتى، النشيدَ تلوَ النشيدِ

فارْتِقابُ الوصالِ أمرٌ بعيدٌ

خِلْتُهُ ليس كالسُّها بالبعيدِ

وحرامٌ على الغرامِ ضياعى

وحلالٌ فى ظِلِّهِ تَغْرِيدِى

وحرامٌ على العذابِ اجْتياحى

وأنا ما بلغْتُ عُمرَ الورودِ!

وحرامٌ على العيون اللواتى

حيَّرتْنى، فى بُعْدها تشريدى

وحرامٌ على الهوى يا حبيبى

أن يُحيلَ السعيدَ غيرَ سعيدِ

وحرامٌ على الليالى طَوافى

حول أهوالِها الْغضابِ السودِ

وأنا ما خُلِقْتُ إلاَّ لأشدو

فى ركابٍ من الجمالِ فَريدِ

أيّها الليلُ.. فى فؤادىَ ليلٌ

زاخرُ الموجِ، ليس بالمحدودِ

وسيهتزُّ فى ضلوعك فَجْرٌ

يوقظ الطيرَ للنهارِ الجديدِ

وأنا مُظْلِمُ الجوانح ظمآ

نُ إلى فجرىَ المنيرِ الفقيدِ

لى رجاءٌ فى رحمةِ اللهِ، لمَّا

وَسِعَتْ فى الوجودِ كلَّ الوجودِ

أن ينيرَ الحياةَ فى قلبىَ الدا

جى، ويُقصِى عنّى هَزيم الرُّعودِ

فأنا زورقٌ يضلّله الإعـ

ـصارُ عن شطّهِ الأمين الوحيدِ

 

 

-                  5 -

-                   

حَجَبوها.. ومَنْ سيُطلقْ أَسرا

بَ الأمانى إلى وُكورِ حياتى؟

حَجَبوها.. ومَنْ يُنَضّرُ أغرا

سى، ويَجْنى مع الصّبا ثمراتى؟

حجبوها.. ومن يُجَمِّلُ عيشى

ويُغَذّى بحسنه صَبَواتى؟

ولمنْ جئتُ يا غرامى إلى الدُّنـ

ـيا، ومَن ذاتُه تكمّل ذاتى؟

حَجَبوها.. فَمَنْ يُهَدْهِدُ أشوا

قِى إليها.. ولهفتى وشكاتى؟

أيهذا القَضاءُ..لا كُنْتَ ياغا

دِرُ.. فرَّقتَ فى اللهيبِ شَتَاتى

وشربتَ الدماءَ من غورِ قلبى

واخْتطَفْتَ الضياءَ من بَسماتى!

وغرسْتَ الهمومَ فى ذات نفسى

كحِرابٍ تُدَكُّ فى جَنَباتى

وزرعْتَ الأشواك فى طُرُقاتى

وأرَقْتَ الذهولَ فى نظراتى

فَعَبرْتُ السنينَ كالطَّائرِ المحـ

ـمومِ أقتاتُ من رمالِ الفَلاةِ

أين عُشّىِ، وأيكتى، وغديرى،

ورحيقى، وزهرتى، ولِدَاتى؟

ولماذا أبْعَدْتَنى يا زمانى

عن حِماها..؟ فأَظْلَمَتْ طُرُقاتى

أنا أهواكِ يا شقيقةَ روحى

أنا أهواكِ يا حياةَ حياتى

فَنِيَتْ نَفْسى فى هَوَاكِ كما لَوْ

فَنِىَ النّهرُ فى الخضمِّ العاتى

وتلاشيْتُ فى غرامِكِ واهتا

جَتْ من الشوقِ والجوى حُرُقاتى

أنتِ شِطرى.. وكيف يبعدُ شطرى

ثم تخبو - إذا نأى - حسَراتى؟

أنتِ وَجْهٌ هو الجمالُ رفيعٌ

أتَسَامى إليه فى صَلَواتى

فَخُذِينى إليكِ فى كلِّ معنى

من معانيكِ.. يا حياةَ حياتى


عام 1938

 

شعر الفصحى
شعر العامية
شعر الأغنية
الشعر الجاهلي
الشعر الإسلامي
الشعر العباسي
الشعر الاندلسي
الشعر النبطي
شعراء الطفولة
المرآة الشاعرة
دمــــوع لبنــان
المونولوج والفكاهة
فن الدويتو
مواهب شعرية
علم العروض
قالوا فى الحب
 
البحث
 
كلمة البحث:
بحث فى الشعراء
بحث فى القصائد