في مداخل المدينة ومفترقات الطرق وزوايا الأحياء متوهجة قلقة متسائلة عيون الشهداء عيون تحتفر عيون تستتر شهيدان متكاتفان شهيدان متظاهران ثلاثة مصطفون آلاف تنتظر فيهم الصقر فيهم الذئب فيهم الأشهب تنتثر أربعة متزاحمون يتهامسون يتلامسون يحاورون بعضهم لهم عيون كعيون الأنبياء كنا نمسك البروق بأيدينا نضع الشمس في كف والأخرى فيها نجمة تهدينا يخافنا الظلام يخافنا الصمت تخشانا الرياح نتصاعد نتسامى كماضينا يحاورون بعضهم يشيرون الى المواكب المارة مر موكب عرس أشرقت عيونهم واحترقت مر موكب مسؤول رنت عيونهم وحدقت مر موكب جنازة دمعت عيونهم تمزقت أعلم من كان السبب إن قلت ذا بلغة الذين يتنفسون سأذهب الى ذلك الرجل سأكسر كل أقلامه أحطم كل محابره أمزق كل أوراقه أغتال كل أحلامه أحرق كل زهوره وسألغي كل نذوره انظروا كان هذا رفيقنا في النضال يبدو متورد الخدين كم كان يحب ضوء الشمس لقد ازداد سمنة ملابسه مكوية إن ذقنه حليق بنطاله أنيق مشغول عنا بالطريق ها قد اشتعل الضوء الأخضر يبدو على عجل سيارته على عجل ها هو أحد رجالات السوط يمشي هانئا هاديا يمضغ العلاك كم حاولت اغتياله لكنه يمضغ العلاك من هؤلاء ضيوف غرباء أهلا بكم في مدينة التأريخ والشهداء محافظ المدينة يرحب بكم رئيس البلدية في خدمتكم مربو الغزلان والأقباج في خدمتكم باعة لحوم النعاج على الشوارع باعة لحوم الدجاج على الشوارع باعة البنزين والنفط على الشوارع باعة البقلاوة والآيس كريم باعة البنادق والمسدسات على الشوارع باعة الحنطة والشعير على الشوارع شارعو السنن على الشوارع باعة متجولون رفاقنا على الشوارع صباغو الأحذية أكبادنا على الشوارع المتسولون آباؤنا على الشوارع المتسولات أمهاتنا على الشوارع حطابو الخشب والقصابون على الشوارع والفتيات العائدات من حقول الأغتناء في خدمتكم إحناءة هامات الباحثات عن البذور في خدمتكم أهازيج نابشات القبور فى خدمتكم والذين يعيشون ليلا والمتقيؤون في خدمتكم نحن هنا صامدون جامدون ملؤنا الضبط والحياء نراقب السير نراقب السلطة نراقب تلوث البيئة نراقب الماء والكهرباء والهواء والأزياء نراقب نمو شجيرة الآس تسفعنا الشمس إهترأنا تسقطت أسناننا أصابعنا عيوننا ولكن لا باس انظروا الى مدينتنا الملونة أعلام ملونة دور ملونة حارات ملونة عيون ملونة عمائم ملونة قمصان ملونة سبحات ملونة عقول ملونة أحذية ملونة لحى ملونة قاتلنا من أجل أن يتعلم كل العالم لغتنا الملونة قاتلنا من أجل أن يحمل كل طفل عائد من السوق دجاجة ملونة عيوننا تتوهج وجوهنا تتوقد أصابعنا ما زالت على الزناد ولكن "عندما يأتي المساء" نسمع عثرات مياه القاذورات تجري أمامنا تنقل الأضاحيك الحمراء في بيوتات المدينة من تلفاز المقهى المجاورة نسمع رجلا معمما ذا صوت أجش يقول الشهيد البطل فلان بن كذا ولد عام كذا إلتحق بصفوف الأنصار عام كذا قام بعمليات بطولية كذا وكذا إستشهد في معركة كذا وموسيقى جنائزية حزينة يسر تلفاز كذا أن يجري لقاءا مع أم الشهيد فلان بن كذا لتتحدث لنا تجمع بضعة كلمات مبعثرة كأشلاء ولدها المبعثرة وموسيقى هادئة حزينة.
