من بعد الشهقة مولاتي
رأيت دموعك تغسلني
تمنحني فرمان وفاتي
وسمعت صراخاً أفزعني
أنساني وجع السكرات
لو كنت ترين أساريري
آهـٌ لو تعلمي مولاتي
فأنا لم أرحل سيدتي
بل زِدت حياةً لحياتي
وخرجتُ طليقاً
من بدنٍ
في سجنه الويلات
والآن أحلِّق بسماء
أتهادي بين الغيمات
زادي خفقان نساء الأرض
وأريجي عطر الدعوات
يحضرني حبك يا امرأةً
يصحبني معظم جولاتي
قد نلت الآن نبوءاتٍ
لم ألقها طيلة سنواتي
في لمحة برقٍ سيدتي
أتنقل عبر القارات
طيفي ..
وخيالي يستنسخ
آلاف مئات المرات
ليزور أحبتي في روما
ولآسيا يهدي تحياتي
ما يُدعى موتي ورحيلي
برهان وجودي وحياتي
في يافا طفلٌ يذكرني
وبنجد نقشُ قصيداتي
ولكم قبَّلتكِ سيدتي
أحلى من سابق قبلاتي
ولكم شاركتك في كأسٍ
بل أسبح بين الذرات
أن تعلن قنوات العالم موتي..
أو نبأ وفاتي..
أن تسمعي شعراً يرثيني..
أو تلحظي قبري ورفاتي..
لا يعني أننا نفترق
فوجودي بين الكلمات
قيثارة شوقك تعزفني
وتستحضرني الغنوات
وما زلت حبيبتي أتحداك
لو تاتي بحبيب مثلي
تنطبق عليه مهاراتي
أتحدى قلبك أن يعزف
أنغاماً تشبه دقاتي
أتحدى كل دعاة العشق
أن يقطعوا بعض مسافاتي
كل العشاق تلاميذي
أعلى الأرقام بداياتي
ما يُدعى موتي ورحيلي
أنبأني صدقك مولاتي
أطربني أنك تبكيني
أذهلني دفق العبرات
كفي دمعاتك سيدتي
لا تصدري فرمان وفاتي
فأنا موجود في عينيك
مختبئ بين الرعشات
في إسمي تجديني
وبرسمي
تجديني بين النغمات
في ضحكة طفلٍ اتجلى
في كل عشيق قسماتي
وتركت ورائي أشعاري
أبلغ من قصص الغزواتِ
فيها تسبيحي ودعائي
فيها ترتيلي وصلاتي
فيها آيٌ من وهج الحب
فيها من عشقك مولاتي
فيها ثوراتي وجنوني
فيها تهديدي وعظاتي
ولهي وجنوني
أمزجتي
صخبي
ونحيبي
إنَّاتي
كفي دمعاتك سيدتي
لا تصدري فرمان وفاتي
فأنا موجود موجود
أتمشى بين قصيداتي
تعليق:
مرثية تستنطق الشاعر الراحل نزار قباني وهي عبارة عن رسالة بعث بها إلى محبوبته من العالم الآخر