من ديوان
أين نحن من بني البشر ؟
للشاعر
محمود علي الخلف
اين نحن من بني البشر؟
هل نحن نسكن الارض أم نسكن القمر ؟
هل نحن ملائكة , أم نحن جن , ام بشر ؟
اتساءل هل الطبيعة البشرية تختلف من شخص لاخر , ام ان الانسان هو
الذي يغير طبيعته , وذلك بتعلمه , وصقله لنفسيته وعقليته, مايرغب ان
يكون عليه ,اعلم كما يعلم الجميع ,اننا جميعا ابناء آدم وحواء عليهما
السلام .
ان كنا عربا ام عجم ,مسلمين ام مسيحيين , يهود ام لا دينيين ,
من اي لون كنا , بيض ام سود ام صفر ,بشعر ام بدون شعر ,
قلوبنا رقيقة صافية ام صلبة قاسية كالصخر .
في اي مكان كنا فيه , في اوربا او افريقيا , اسيا او امريكا ,
استراليا او اوقيانوسيا , حتى ولو كنا نسكن القمر ,
فنحن , نحن بشر ,بشر , بشر.
في الجنوب او الشمال , في الغرب ام في الشرق
فكلنا دو عينين وشفتين , منتصبي القامه , ونمشيء على قدمين ,
متميزين في شكلنا ونطقنا , وادراكنا وحسنا , عما خلق الله سبحانه
من مخلوقات شتى , مرئية وغير مرئية , جامدة وحيه , وقد هدانا الله
كلنا الى النجدين , وامدنا بمقدرة غير محددة , على التعلم والتكيف
والتاقلم والابداع , في شتى مجالات الحياه .
وكوننا عرب , الأمة التي زينها الله بلغة الضاد , والتي جعلها الامة الوسط
,بين البشر ,حيث توجها بتاج الاسلام , وجعل درره الايات المحكمة في
القران , التي تنير دربنا ودرب البشرية لكل زمان ومكان , فقد بينت لنا ان
نقول للناس حسنى , وان ندعو الى الله بالحكمة والموعظة الحسنه , وان
نخاطب بالتي هي احسن وان نحسن دوما النطق باللسان ونبدع البيان .
وقد اكدت لنا امتنا , اننا اخوة , فعلينا ان نعطي الرحم حقه , فنحن اخوة
وجيران , وايات قراننا , اكدت علينا ان نعد العدة , فننبذ الخلاف والتفرق ,
ونعمل دوما على الوحدة والتكاتف والتالف , وننشر المحبة , حتى نؤدي
ابسط ماعلينا كقادة , اختارتنا شعوبنا , فكنا اهلا لهذا الاختيار , او حملنا
انفسنا هذا الحمل الثقيل , واكدنا اننا لا نمل في عملنا , ولا نكل ليل
نهار , وهمنا الوصول الى ذرى المجد ولو جوبهنا باقوى اعصار .
لكن اين نحن من بقية الانام , من بني الانسان ؟
هل نحن معهم متساوون في كفة الميزان ؟
وهل نحن نتقدم على الاخرين بالخطى ؟ فعلينا ان نتمهل في السير
حتى يستطيعوا اللحاق بنا , ونكون حينئذ دوما كما نحن في المقدمة
وفي الامام , ام اننا من الخوالف في جحافل البشرية ,ان كانوا غربيين
وامريكان , او هنود وصينيون ويابان , او استراليون وماليزيون وحتى ايران .
ان رحالنا تاهت الطريق , وتعثرت في سيرها , وهذا ما حصل وما كان ,
وصل بنا الامر , ان نسينا اننا في سن الرشد , فعلينا ان نتعالى عن
اللغط والهزيان , علينا ان نحسن النطق , في الخطاب ونبدع البيان ,
ونراعي وضعنا اننا قادة , حملنا الامانه فعلينا اداءها باتقان .
حملناها برغبة الشعوب ام قسرا لارادتهم , ففي الحاليتن الامر سيان ,
على الاقل ان نراعي , اننا رعاة فنحسن اللقاء , كما يراعي الرعاة اللقاء
في السهول والوديان ,
فيحسنوا الجوار والحوار , لان حالهم واحد , مهما حصل بينهم , ومهما
كان ,
ومصيرهم مرتبط بمصير تلك المراعي في السهول والوديان .
لكن , لا اعلم لما الامر مختلف عندنا عن الاوربيين والامريكان ؟
وعن الاخرين في كافة مؤتمراتهم وقممهم كقادة بلدان ؟
حيث لاديباج احمر وعطور و زعفران , وعنب ورطب ورمان .
ولا موسيقى وتعظيم سلام , ولا اغلاق طرق وشوارع لأيام .
ولا مقصورات فارهة , وكان اللقاء فقط كي يكونوا ظاهرين على العيان ,
بابتسامات , ونظرات , آمل انها صادرة من القلب والوجدان .
لما يا قادة امتي , الستم كغيركم من قادة البلدان ؟
الستم بشر , ام انكم ملائكة , او انكم من الجان ؟
ومع ذلك يعودوا ادراجهم , وكأن ماجرى , ماجرى وما كان
عجيب ,عجيب امر قادة امتي , لما لا يترفعوا عن الخنوع والذل والهوان ؟
|