(3)
النجوى
النجوى صنفان؛ عندنا: فنجوى الألسنة، ونجوى القلوب.
وما نجوى الألسنة إلا المذمومة عند أهل العشق، أما نجوى القلوب فترياق المحبين.
فحين يتمكن الوجد من القلب العاشق، لا يرى القرب قربًا، بل يرى في البعد قربةً. ولا يرى النأيَ نأيًا بل يرى في النأي المجافاة.
فالقرب من عمل الجوارح في المكان، بينما النأي من عمل القلوب في الأرواح، فالنأي أوجع. والنجوى بين القلوب تُذهِب النأي وتأتي بالأنس للقلب المحب.
فطوبى للذين تستأنس قلوبُهم بنجوى قلوبِهم، رغم البعد، إذ ليس للنأي وجود.