الحمد لله الذي منح من شاء قربه واجتباه, وفتح له أبواب التيسير بفضله وحباه, وأكرم بولايته اهل محبته ووداده, ونور بصائرهم باشراق هدايته ورشاده, فهو الله الذي لا إله إلا هو مؤتى الفضل من يشاء, ومجرى الأقلام بباهر الترصيعات وحميد الانشاء, أرسل رسوله محمدا بدرا لامعا, على جبهة الدهور والاعصار لائحا وساطعا, وجعل المستمدين من كمالاته على درجات ومراتب ومقامات, فالكل منه وإليه بدءا وتماما , سابقة أزلية إكراما وإعظاما:

لا تقس بالنبي في الفضل خلقا   فهو البحر والأنام أضاء

صلى الله وسلم عليه وعلى من انتمى بسبب أو نسب إليه. وبعد فقد وقف العبد الفقير على هذا المؤلف الذي ألفه جهبد عصره. ووحيد دهره. لسان البراعة. والمستعمل في تحصيل العلوم بنانه ويراعه. الفقيه العالم الأديب السميدع الكاتب الأريب أبو الفضل عباس بن ابراهيم المراكشي. في ذكر مناقب السادات الاجلة. السبعة البدور الأهلة. من استنارت بقبابهم الحضرة المراكشية. وازدهت على غيرها بمحاسنهم العيدة الفاشية, نفعنا الله بهم, وأمدنا من فيوض مددهم, فوجده قد احتوى على درر ويواقيت, قل من يتفطن لها في سائر المواقيت, كفيلا بالمراد في موضوعه الشهير موفيا به بحسن عبارة وتقرير, وضم إليه من الفوائد العلمية, مافيه للطالب غاية القصد والأمنية, فجزى الله مؤلفه خيرا وأولاه مثوبة وأجرا. وكثر أمثاله . وأناله آماله. وقد قلت مشفعا , وبجاه من ألف فيه متشفعا:

لأفضل من نقر الغواني الكواعب   وأشهى من الروض العظيم السواكب
وأحلى من الوصل اللذيذ صبابة   ومن رشف ذات الخال بين الصواحب
أعز إذا من ذاك كله نفحة   تهب بتعداد الحلي والمناقب
وسرد حديث الصالحين وذكرهم   ففي ذكرهم نيل المنى والمطالب
هنيئا لمن أضحى رهين زمانه   بأحوالهم أعظم بها من مراتب
كمثل أبي الفضل الذي حاز شهرة   بنشر علوم بثها للحبائب
سمي بعباس فأحرز للعلى   ونال ذكاء فهمه فهم صائب
به جادت الأيام تحت إمارة   لها يخدم التأييد من كل جانب
لسيدنا عبد الحفيظ مآثر   فكم من مزايا أقبلت ومواهب
ليهنك هذا الشهم خدمة سادة   حماة وأبطال بدور الغياهب
هم السبعة الأقطاب نور مراكش   وبهجتها أهل العلا والمناصب
فشنفت أسماعا بذكر مآثر   لهم تنتمي والله موتى الرغائب
بحسن مساق واقتباس دلائل   وكم من علوم قد حوى ومذاهب
يتيمة هذا العصر تأليف فاضل   فدونكه فهو المراد لطالب
جزيت جزاء لا يقاوم عزة   ودامت لك العلياء أعظم صاحب
بجاه رسول الله خيرة خلقه   محمدنا المخمود بحر المواهب
عليه صلاة الله ثم سلامه   وآل وأصحاب ليوث الكتائب
يدومان ما حبر تبدى مناره   فغار له بدر وكل الكواكب
وما مسعف قد قال طالبا الرضى   لأفضل من نقر الغواني الكواعب

وكتب مع استعجال, وزيادة شغل البال, الفقير الى رحمة مولاه, عبد اله الفاسي كان له مولاه وتولاه. وفي ثاني شعبان الأبرك عام ستة وعشرين وثلاثمئة وألف.