عاش إبراهيم العـريض طفولته وفتوتـه في الهـند بعيداً عن لغته الأم وتراثه الشعري,وهناك تأسس وعيه الثقافي أولاً,ومن هذه المرحلة اكتسب إبراهيم انفتاحـاً على ثقـافات العالم, وحين استقر في وطنه بدأت رحلته مع اللغة العربية والتـراث الأدبي القومي , وتمكن في فترة قصيرة أن يتجذّر في اللغة والتراث وأن يسيطر على الأدوات اللازمة للقول الشعري .
وبهذا الانفتاح الذي عرفه إبراهيم على الآخر الثقافي , لم يـكرر المشهد الشعـري في البحرين بل حاول أن يتجاوزه ويؤسس لمستوىً جديد وتحرير الشعب من رواسب الخطاب الشعري , يخرج بالشعر من عباءة التراث والنسج على منواله ,أي من كونه حالة لغوية بيانية ويدخل إلى النفس البشرية بكل أغوارها وأحلامـها وصبوتها , ليصبح حالة إنسانية تقتنص اللغة المناسبة ,وبذلك قلبت المعادلة الشعرية رأساً على عقب ,وبعد أن كان تقف رأسها أصبحت تقف على قدميها , اللغـة والعـبارة تخضع لأحوال النفس ,ولا تُصبّ النفس في قوالب اللغة الجاهزة ,وبذلك أحدث إبراهيم العريض وجيله انطلاقة في الروح الشعرية,وفي العبارة الشعرية, وكانـوا تمهيداً لانطلاقة أوسع قام بها الجيل التالي لهم من الشـعراء .
وظلّ إبراهيم العريض خلال ثمانية عقود يعيش للشعر وفي الشعر ,وخلال هذه المدة الطويلة أخرج العديد من الدواوين والقصص والمسرحيات الشعرية , وقدم إضاءات نقدية مهمة للتراث الشعري,وحين قررت المؤسسة تكريم هذه النخلة الشعرية الشامخة (إبراهيم العريض) قبل وفاته بقليل فإنما كانت تكرّم فيه,هذا الإخلاص لفن الشعر وهذا الدأب الصبور على تسجيل الموقف الشجاع في محراب الشعر.