وهذا الرجل نسيج وحده نظما ونثرا وأدبا وخبرا، له بديهة سيالة يجيب في أسرع حصة من الزمان في كل غرض وما يتهيأ له، مع المروءة التامة والحياء والحشمة والسمت الحسن، والدين في السر والعلن، وبيته بيت علم وقضاء. فمما اتفق لي معه أبقاه الله ذات يوم، وقد كان في مجلسنا سفرة وضع فيها ياسمين على ترتيب مخصوص، وحولها ريحان دائر بها ولم تستكمل دائرته، فقلت له في ذلك:
كـأن مـا جمـع فـي سفـرة ريحان قد حفـت بـه ياسميـن
وجه حبيبـي تـم فـي حسنـه معـذرا أفنـى بـه العالميــن
فأخذ الدوات والقلم وخط قبل أن يتكلم:
لذاك يسقـى الكـأس ممتزجـا كوجهه في الوصف كي لا يمين
رأيتـه فـي حكمـه منصفــا يجريـه عمـدا دائمـا لليميـن.