وزاد في جوابه هذا لغزا عرضه على السائل وهو هذا:
وأي رباعـي تعالـى مكانــة به تضرب الأمثال يايها البحـر
غدا ربعه صدغ الذي أنا مغـرم به ثم ماضي الفيء ربع له قدر
وربعاه في التنزيل أول سـورة تبين ولا تخفى إذا تلـي الذكـر
أجبني إلى ما قد قصدت أخا الحجا فمعروف هذا اللغز ليس له نكر
ولم يذكر جوابا عنه وقد نسخ لي جوابه، وفي المجلس جمع من أدباء أهل الشام، فعرضته على كل أديب لعله يجيب، فأقروا بالعجز دون احتشام، فقلت ورأيت أن نذكره وهو:
فلبيك يا أصل المعارف والنهـي إجابة مأمور إلى من له الأمـر
عقيلة أفكار جلوت قد ازدهـت بحليك لكن دون منظرها ستـر
فأرخت عليه كل أسـود فاحـم وفرع أتيت تحته القمـر البـدر
فأبرزتهـا مجلــوة لمنصــة تتيه كما تبدي الحيا غـادة بكـر
الجواب: فاحم، فالألف هو مراده بقوله ربعه صدغ الذي أنا مغرم إلخ، لأن الشعراء يشبهون الصدغ والعذار بالألف لقوامه، قال الشاعر:
خط على خـد. . . مثـل مـا دبت علـى. . . أرجـل أنمـل
والفاء هو المراد بقوله ماضي الفيء لأن ماضيه فاء، فهذان ربعان فاء وألف، والحاء والميم هو المراد بقوله وربعاه في التنزيل أول سورة إلخ، فإذا جمعت هذه الحروف صارت فاحم وصف للصدغ، ويرشح أن مراده ذاك قوله صدغ الذي أنا مغرم إلخ، فأنه ينظر إليه بصرف خبر والله أعلم.