ومنهم العلامة الفاضل، خطيب جامع الزيتونة بمكناسة الزيتون، الأديب الغطريف، الشريف المنيف، أبو عبد الله سيدي محمد بن إدريس الإدريسي الشبيهي، أحد العلماء المدرسين بمكناسة، له ولوع تام بالأدب، حتى حصل منه على ما طلب، فأصبح بين أقرانه يرفل في رداء حلاه، راقيا في علاه إلى أعلى علاه، شريف الأصل والنفس، فهو الحر الذي يبجل في المعنى والحس، عشقت سيرته منذ زمان قبل الإجتماع به، حتى ضمنا المجلس عند سيدنا النقيب الزيداني في أبهج مكان، فشكرا لهذا النقيب الجليل، كم أسدى إلينا من مكارم في معرفة هذا الشريف الأصيل، زاد الله في أمثاله، وبلغه في الدارين أقصى آماله، وقد كان حاضرا في هذا المجلس السعيد، والجمع الموفق الرشيد، من أعيان السادات، من ذكرته في هذه الأبيات :

يا ساعة مثلها لم تلقى في زمن = من أجل جمعي بهذا المفرد العلم
من كنت منتظرا لقربه زمنا = بما سمعت له من رفعة الهمم
شمس البلاد التي في أفقها انفردت = برتبة في العلا منيرة الظلم
ذاك الشبيهي الرضى من لا شبيه له = في الخلق والخلق والعرفان والكرم
من سادة بهم العليا قد افتخرت = وشاع فضلهم في سائر الأمم
أعظم به من شريف زانه أدب = وقدره جل بين العرب والعجم
به اجتمعت بروض صار مزدهرا = به وبالسيد العرائشي العلمي
أديب مكناسة ومن له رتب = تسمو لأعلى مقام في العلاء سمي
وبالفقيه العرائشي المحب أبي = عبد الإله الذي فيهم رعى ذممي
وبالنقيب ابن زيدان الذي كملت = أوصافه بجميل الخلق والشيم
فالله أسأل أن يرعاهم أبدا = وأن يحفهم بفضله العمم

فأجابني من نظمه الرائق، ولذيذ إنشائه الفائق، بما نصه :

لبيك لبيك يا من حاز كل علا = وجل قدرا رقى عن كل ذي عظم
وساد أهل الهدى فضلا ومنقبة = فكان بين ذوي الإفضال كالعلم
وفاق كل بليغ قد علا أدبا = وأحرز الكنه في مجد وفي كرم
بدر تكامل في إشراقه وسما = أفق السماء بجنح الليل في الظلم
ذاك السري أبو العباس أحمد من = له المزايا التي في الناس لم ترم
سكيرج من علا قدرا ومرتبة = وكان بين الورى أجل محترم
الفاضل العالم النحرير من رسخت = أقدامه في مباني المجد والكرم
حبر تقاصر أولوا العلم قاطبة = عن درك همته في العلم والحكم
وعن بلاغته أهل النهى قصروا = وأظهروا العجز في معناه والكلم
كذا الألى من بقرض الشعر قد عرفوا = قروا بطلق لسان غير منعجم
وقال بارعهم لله من درر = منظومة نضدت في عقدها الفخم
بها تفرد فرد الشعر من خضعت = له أسود الثرى في غابها الأجم
سبحان من قد حباك كل مكرمة = بها ترقى مرامي العز والهمم
حتى إذا لم تضح كالشمس سيرته = ينبيك عنها كريم الخلق والشيم
أنيلها من عظيم الجاه من ثبتت = له الولاية حقا سابق القدم
سر الوجود التجاني القطب من شهدت = بيمنه السر لسن العرب والعجم
عليه سحب الرضى تغشاه دون مرا = من المهيمن مسدي الخير والنعم
ما فاح زهر رياض الأنس وانعطفت = ريح الصبا من حمى نجد ومن إضم