الحمد لله به البداية ثناء ربي ماله نهاية
جل القديم لايحاط حمده عز الكمال لاينال حده
نحمده جل لما به اصطفى وشرح الصدر لمدح المصطفى
وانطق القول وحسن الفعال وخص من شاء باخلاق الكمال
ذو العرش مولانا رفيع الدرجات من رفع النبي أعالي الدرجات
واختاره مكملا من خلقه متمما في خلقه وخلقه
مهذبا في أحسن التقويم على صراط هديه القويم
ثم الثناء بالصلاة والسلام فاتحة القول وديباج الكلام
على الرسول صفوة الخلاص المنتقى مكارم الاخلاق
إليك هذي زهرة المحاسن لسيد الرسل طه ويس
نطفتها من روضة الأنوار زاهية باهية الانوار
تزهوا على حدائق النسرين في حلة من زهر ياسمين
فاتحة من الجنان الأقدس بين بها روبهاء سندس
طاب الجنا منها وطاب الورد وفاح من ند شذاها الورد
روض حوى من كل زهر رائق من الكمال والحمال الفائق
جمعت فيه خصال الشرف والخلق الراقي لاعلى شرف
من الذي قد حازه محمد وماله من كل وصف بحمد
سميته اذ فاح بالزهر الندي نظمته في الخلق المحمدي
ماهي إلا غرفة ملء يدي ان قبلت ففضلها لأحد
وليس لي فيها يد ولا قدم إلا يد الكتب وماخط القلم
والمن لله وللرسول نسئله جل كمال السول
لعبده فيها نوى من قصده فما ترى الفضل سوى من عنده
ما يفتح الله فلا ممسك له كذا الذي يمسك لا مرسل له
فاتحة فيما كان عليه النبي صلى الله عليه
وسلم من كمال الخلق وجمال الصورة التي
لم تكن لأحد من الخلق
أولماخلق واصطفى من سيرة نور النبي المصطفى
فاتحة الكون وسيد العالم محمد نور الالاه الأعظم
خاتمة الوحي إمام الانبيا وصففوة الرسل الكرام الاصفيا
بنوره فتحت الانوار كما انتهى بوحيه الانذار
فهو أول اللها وآخر وهو فوق الكل بحر زاخر
فاللاحق الخاتم هو السابق في الفضل والسابق بعثا لاحق
ما زال نوره السوي يسطع وفي جباه الانبياء يلمع
كالشمس في البروج من سماها في كل وقت لائح سناها
من ساجد لساجد يقلب والخلق كلها إليه ترقب
حتى بدا للناس فجرا صادقا واصبح اللسل نهارا شارقا
وجاء نور الله وانجل الهدى وكل خير بالرسول وجدا
محمد نور الالاه الاقدس باطنه ظاهره مقدس
ما خلق الالاه نفسا في جسد في عالم الروح وعالم الجسد
أكرم به محمد في نفسه لله ما أكمله في قدسه
المصطفى سر جمال الخلق في نفسه وخلقه والخلق
أكمل منه ماتراه عينا نفسا وذاتا صورة ومعنى
حاز الجمال والكمال والتمام كالشمس او كالبدر ليلة التمام
كم فيه حسن يدهش الابصار كم فيه نور يخجل الانوار
ماحسن يوسف النبي الكامل الا كشطر من بحور الكامل
لو لم يك الالاه ذو الجلال كسا الجمال منه بالجلال
ما استطعت العين إليه تنظر ولرأت ما ليس فيه تقدر
كان وجهه الكريم المنظر طلعة شمس أو بهاء قمر
لا والذي انشأه من عين الجمال مامثله شمس ولابدر كمال
بل هذا أسنى شرفا وأعظم وفوق مايوصف او مايعلم
كان جميل الوجه في الحسن سما ليس مصمما ولا مكلتما
أزهر لونا واسع الجبين كأنما صيغ من اللجين
بياضه بحمرة مشرب كلون فضة كساها ذهب
عظيم هامة بحسن قدر من غير افراط ولامايزر
شعره فيه تثر لاسبط كشعر الروم ولاجعد قطط
بل كان بين ذاك جعدا رجلا أحسن منه ماتراه رجلا
له حواجب كشق النوب سوابغ امتدت على العيون
بينهما عرف يدره الغضب ازج أبلج وذاك المنتخب
أكحل عين أهدب الاشفار ادعج فيه آية احمرار
يرى الصفوف من ورا وهو إمام يرى الذي خلق كما يرى إمام
أسيل خد واسع المحيا أفتى سريا حسنا بهيا
تحسبه قبل التأمل أشم من نوره السامي وليس بأشم
كان ضليع الفم في حسن كمال مفلح الأسنان ماله مثال
يفتر عن عارضه البسام كالبرق في ضوء سناه السامي
كبرد الغمام قال من وصف أو جوهر اذا يكنه الصدق
إذا تكلم ترى خير البشر كان نورا من ثناياه انتشر
كتف لحية كريم السبله كل البهار والكمال جلله
في الجيد منه سطع كأنما هو بلور فضة جيد الدما
يربوع قامة لطول أقرب قد طال من كان لطول ينسب
ضخم الكراديس عريض الصدر مستوى البطن جليل القدر
مشربة في صدره من شعر كأنما قضيب مسك أذفر
ناعم الجسم متماسك البدن أحسنهم في ظاهر ومابطن
طويل زند شتى كف وقدم وسائر الاطراف كل في أتم
أليس من مين الحرير مشه أطيب من كل النفوس نفسه
في نقضه الايسر كان الخاتم هذا محمد الرسول الخاتم
يتلى عليك من كريم خلقه كما سيتلى من عظيم خلقه
فصل في خلق هذا النبي العظيم وماله
عند الله من كمال الثناء والتعظيم
أعلم هداك الله للمعالي أن خصال الفضل والكمال
نوعان ديني وهو المكتسب ودنيوي وهو مالا يكتسب
مثل الجمال وكمال الجسم وقوة العقل وحسن الفهم
وقوة الاعضاء والحواس وشرف النسب بين الناس
وعزة القوم وطيب المعدن وكرم الارض وحسن الوطن
والاول الديني ما يكتسب هو الذي به تنال الرتب
وهو الفاعل فيه يحمد ويعبد الله به ويقصد
من كل خلق كامل على وأدب مستحسن شرعي
كشرف الدين وفضل العلم والصبر والشكر وعفو الحلم
والعدل والزهد والعفاف والكرم كذا الشجاعة الحيا خير الشيم
تواضع صمت وقار توءدة الى محاسن سوى المعرده
من كل ما خلق ربي من خلق وهي التي جماعها حسن الخلق
وكلها من أول وآخر من الخصال والجلال الفاخر
جمعه الله لسيد الورى من كل وصف كامل قد ذكرا
أما جمال الصورة المشرفه قدسه الله وزاد شرفه
فهو ما ابهرت العقول في وصفه وعجز المقول
كذاك ما كان لخبر الرسل من الذكاء وكمال العقل
وقوة الأعضاء والحواس مالم يكن لغيره في الناس
فهو امر بلغ الكمالا وعز ان ترى له مثالا
وما العقول كلها في عقله ولا الجميل في كريم فعله
الا كحبة حصاة من رمال لله ماحاز الرسول من كمال
اما انتماؤه الشريف النسب وماله في بيته من منصب
وكرم الارض التي منها نشأ وعزة القوم وطيب المنتشأ
فإنه نخبة آل هاشم بيت العلا والفضل والمكارم
بعثه الله وسيط النسب في قومه الغر الكرام الحسب
في خير أرض الله دا والحرم وليس فوق بيته من كرم
والرسل تبعث كذاك في ذرا نسب قومها بسائر الورى
الى الذي له من الكمال وشرف الرتب والمعالي
من كل ما حاز الرسول المصطفى من الجلال ومراقي الاصطفا
وشرف الدنيا وعز الاخره وغيرها من البحور الزاخره
مالا يحاط لاولا يعد وليس يأخذ سماه حد
ولايوفي حقه المقال ولا بكسب قد غدا ينال
الا بتخصيص الكبير المتعال وربنا الذي اصطفاه للكمال
أما الذي له من الخلق الحسن وهديه الاحسن من كل حسن
فهو ماليس يحاط قدره ياعجبا لما حواه صدره
من ذلك الخلق العظيم الشان وليس فوق شأنه من شان
حسبك في نبينا الكريم وماله من خلق عظيم
ما أقسم الله به في النوى للمصطفى من سره المكنون
وشهد الخبر والعيان ان النبي خلقه القرآن
الا به في الناس وحي ينزل كأنه من السماء منزل
فصل في حلمه الكريم واحتماله
الحلم عفو مع الاقتدار تكرما وترك الانتصار
وملك داعي النفس في حال الغضب وكظم غيظها اذا اهاج السبب
والصبر للجاهل فيما بدر من زله او هفوة قد تصدر
مع سكون وتباث حال من ذا الذي له في الاحتمال
والحلم ما كان لخير الخلق أكرم بيلاحم من خلق
بالحلم قد أدبه القرآن في وصفه قد حارت الاذهان
في آخر الاعراف لما نزلا منها خذ العفو فثم سالا
جبريل ما معناه في التفسير فقال اذا للعالم الخبير
ثم أتى فقال يامحمد الله يأمرك فيما تحمد
تصل من قطع تعطى من حرم تصفح بالكرم عمن قد ظلم
فكان في الصبر والاحتمال في منتهى درجة الكمال
احسن حلق الله فيما يرتضى أبعدهم غضبا أسرع رضى
لم ينتصر لنفسه يوم انتقام غضبه لله ماله يقام
يسبق حلمه الكريم جهله ولا يكافيء بسوء مثله
بشدة الجهل يزيد حلما لله ما أكرمه واسمى
اوذ عن في الله وشبح فصبر ادمى وجهه الكريم فغفر
ثم دعا لقومه واشفعا ومن في الفتح فكانوا الطلقا
ومن تتبع كريم حاله في حلمه العظيم واحتماله
أبصر من آي الرسول عجبا وانكشف السر الذي قد حجبا
...