إذا لم تجد عيني بوبل السحائب   فما هي إلا من حجار الكتائب
وإن لم تكن تهمي الدماء جفونها   فما عرفت قدرا لخطر المصائب
ولو أنصفت حقا لمن حان فقده   لما أبصرت غير الدجا والغياهب
اتبصر عين بعد فقد ضيائها   وإنسانها قد ناله كل صائب
وأودى بها الدهر الخؤون وعاقها   وأغربها عن أهلها والأقارب
خليلي إن النهر قد جل خطبه   بما قد حوى من معجبات عجائب
فكم شيد الأطلال بعد غفائها   وكم حط من عال مداني الكواكب
فلو كانت الأرواح يوما وقاية   لما نال ذا عز صفاح الغواصب
هو الموت لاينجو امرؤ من نباله   ولو رص بالبنيان من كل جانب
فعش ما تشا ما أنت أول هالم   ولا آخر قد عص من حق صائب
ودم في نعيم العز إنك وارد   مكانا به تجلى أمور العواقب
لئن وافت الأيام قصدك والمنا   ووفى لك الإقبال نيل المئارب
فقد علت الوراد صرفا عن الظمأ   وفازت بريا من هناء المشارب
ووافت بما تهواه في ظل جنة   مع الحب في تلك البقاع الخصائب
فكان المنى ممن تقدم فيهم   معزا مجلا وافيا للرغائب
لقد حاز في المجد المؤثل منزلا   وحل مكانا من أعالي المناصب
فيا للثرى فاق الثريا مجادة   بما ضم من جسم عبيق الأطايب
كريم السجايا واسعا في المواهب   عزيز العطايا فاخرا في المناقب
سمي صفي المصطفى وأمينه   أبوبكر الأسمى السني المراتب
فكم راض في روض المجادة منهلا   وعل رحيقا سائغا للشوارب
وكم قد روي ورد الحقيقة وارتوى   وخاض بها بحرا طمى الغوارب
وفاز بتقوى الله سرا ومعلنا   وحاز مقاما عند أكرم واهب
تحلى بحلي يوسفي محاسن   بهي جمال فاخرا في المناقب
وقد ضم سر الأحمدي متابعا   فنال به كل المنا والمطالب
فتلك شموس أشرقت من مشارق وغمض سناها في جميع المغارب
لئن لم أنل تلك المشاهد منهم   فمن ذكرهم أرجو سنى المواهب
كساهم إله العرش من خلع الرضى   ووالى عليهم آنفا كالسواكب