ولما نزلنا بهذه القرية وجه إلي سيدي إبراهيم السوسي سؤالا منظوما ونصه:
أجنـةَ علـمٍ فـي سمـاءِ جلالـة
سقتها غوادي البر دانيـةَ القطـفِ
جوابُكَ عن ثوبٍ كثيـف ومحشـو بقطن فهل به الصلـاة بـلا زيـف
وعن أمرِ خير الرسْل في النوم إن جرى أيلزمُ أم لا دُل حيـرةً مـن خلْـفِ
وعن نازلٍ ربْعـا يقيـم لـأن بـدا يصلي طرا ما يوجبُ القصرَ عن صرف
أِفضْ من عبابِ ذلك البحر سامحـا فلا زلتَ مجدا للمعـارف واللطـفِ
فأنت ترى ما في هذا النظم من الركاكة والكسر وعدم البيان الذي هو شأن السؤال، ولكن لما فهمت مقصده في المسائل الثلاث أجبته بقولي:
حمدتُ إلاهًا قد تنـزهَ عـن كيْـفِ وعز وجل عن ثناءٍ وعن وصـفِ
وأزكى صلـاةِ اللـه ثـم سلامـهُ على المصطفى المبعوثِ بالذكرِ والسيفِ
وهذا جوابي عـن سـؤالٍ مهـذبٍ أتى بنظامٍ رائقٍ محكـمِ الرصـفِ
فمنهُ سجودُ المرء فـوق البسـاطِ لا صلابة فيـه كالبسـاط وكالقطـفِ
تَوقفَ فيه البعـضُ مـن علمائنـا وشهر فيه المنعَ بعضٌ بـلا وقـفِ
وذا كلهُ مـا دام رخـوًا وإن يكـنْ تلَبد قالـوا بالجـوازِ بـلا ضعـفِ
وهذا الذي حصلتُهُ عـن مشايخـي وقد عللوا هذا الجوابَ بمـا يشفـي
ومنهُ لزومُ الفعـلِ إن كـان آمـرًا به المُصطفى في النوم أو قالَ بالكَف
فإن كان ما قد قالَ وافـق شرعَـهُ فذلك أحرى باللـزوم بـلا خُلـفِ
وإن خالفَ المنصوصَ فهْوَ مـؤولٌ وتأويلهُ بالعلـم يُـدرى وبالكشْـفِ
ومنهُ الذي ينـوي بـأرضٍ إقامـةً فيبـدو لـه أمـرٌ إقامتَـهُ ينفــي
فذا حكمُه حتى يسافـرَ حكـم مـن أقام فقد لاح الجـوابُ بمـا يكفـي
فإن وافقَ المطلـوبَ منكـم فمنـةٌ من اللهِ أو لا فهو مما جنـت كفـي
وأطلـبُ منكـم أن تَمُنـوا بدعـوةٍ أنال بها من سيدي غايـة اللطـفِ