نغالط بالامال والحكم واجب   ونستوهب الامهال والعمر ذاهب
ولولا أمانينا وحجب نفوسنا   عن الغيب ما لذت لدينا مشارب
حيارى فلا ندري بيوم انتقالنا   كما ضل بين النجح واليأس هائب
وما الحي إلا طعمة لمنية   براثنها لم ينجح منهن هارب
فبينا تراه أيدا متماسكا   اذا به منحل العزيمة شاجب
وأي محب لم تنله كريهة   وأي زمان ليس فيه مصائب
كان بني الانسان بل كل محدث   على لجة الايام طاف وراسب
هو الموت جل الله قاهر خلقه   يروع من ذكراه ضار وضارب
فأين الملوك الصيد أين عديدهم   وأين القصور الشم أين المواكب
وأين أباة الضيم أين اقتدارهم   وأين بناة المجد أين المناصب
وأين بنو الاداب أين سراتهم   وأين رجال الشعر أين الحبائب
وأين ذوو الاقلام أين خيارهم   وأين ذوو الاحلام أين العصائب
محاهم من سفر الوجود معيدهم   لأصل الثرى والفرع للأصل آئب
وأعظم رزء تشتكي النفس حره   نوى من إليه تدنى وتناسب
خليلي أما الصبر عنك فخائن   وأما فؤادي فهو بالوجد ذائب
وكانت ظنوني أن يتاح اجتماعنا   فلم تجدني تلك الظنون الكواذب
فآه ليوم ثم آه ليلة كساها إهاب الحزن ناع وناعب
وأضحت لها الاقلام تخدش طرسها   وتذرى الدموع السود وهي نوادب
وكنت لها نعم انضر زهرة   فذيلها ريح من الحين عاصب
وكنت أديب العصر والجوهر الذي   تنافس فيه مشرق ومغارب
وكنت بتقوى الله أشرف آخذ   وأول ساع حيث ترضى المناقب
نشأت على هدى وجد وعفة   نقى الحلى ساع حيث ترضى المناقب
نشأت على وجد وعفة   نقى الحلى لم تستملك الملاعب
عكفت على الاصلاح طوعا ولم تقل   وللهو مني والخلاعة جانب
وما لك في غير المعرف رغبة   ومالك غير الذكر والفكر صاحب
ومت وعند الله أعظم نعمة   لمن هو في رضوان ربه راغب
فما للقوافي بعد فقدك محكم   وما للمعاني بعد رزئك جالب
معاني إذا ما الناظمون تكلفوا   فهن بأكناف الجمال كواعب
كواعب تهتز النفوس لظرفها   كأن وسمت بالسحر منها الترائب
ترائب فيها للنواظر جنة   وفيها لأوصال القلوب جواذب
بدائعها مشهورة وحديثها   يصححه عن شاهد الحسن غائب
وما لعلوم العصر مثلك عاشق   وما لنتاج العقل مثلك طالب
وما لأخي ود وعهد وصحبة   سواك أنيس أو رفيق مواظب
قضى معك دهرا لم يمل وإنما   قضا موجد الأرواح لاشك غالب
لئن سترتك عن جفوني تربة فلم يحجبنك عن ضميري حاجب
يصور فيه الوهم منك خلائقا   مهذبة هي الكبا والكواكب
لتبك عليك كل عين ملية   بحبك حتى تضمحل السواكب
عليك من الرحمان أوسع رحمة   تؤم حماك الرحب منها سحائب
ومالي وللشعر القوى انتقاده   بضعف القوى والرزء للرشد سالب
وإني على مابي هتفت مؤرخا   بقد نال أعلى الخلد زاك مراقب