سل الدار عن سكانها أين يمموا وأين ثووا بعد الرحيل وخيموا
اذا وردت ماء النعيم مطيهم فقد لفحت قلبي الكئيب جهنم
فعذري في جف المدامع واضح وإني يسيل الماء والنار تضرم
أتاني كتاب ناعيا بفراقهم فعاد نهاري داجيا فهو مظلم
أقلبه طورا وتزداد لوعتي كما ازداد سما من به عض أرقم
وقد كان قلبي بالرزية مخبري فصار يبانا ما له اتوهم
هو الموت مرقى المذاق وشربه على كل حي واجب متحتم
أرى الدنيا بحرا زاخرا وهو ساحل وبعض الورى غرقاه والبعض عدم
وما هذه الاعمار الا سفائن مجاذفها الايام تمضي وتصرم
أباد الردى آباءنا وجدودنا وكل تساوي آخر ومقدم
عجبت لمن يبني القصور جهالة وقبره ماتحت الثرى متهدم
أغرك من دنياك حسن ابتسامها حذار حذار عطرها فهو منشم
أتلهوا ضلالا في أمان وهذه طيور المنايا فوق رأسك حوم
تروح وتغدو لالديك تفكر ولا عبرة كأنما لست تعلم
وما فات في الدنيا كمثل محمد وقد صار للدار التي هي أدوم
لقد عاش لاشيء يخاف عقابه ومات ولاشيء له يتندم
مضى غير صاح من هواه وسكره الا انه هو المحب المتيم
ومذ جذبت أيدي الحبيب بضبعه غدا بلسان الحال عنه يترجم
ولو كان كل ميت كمحمد لهان على الناس الذي هو أعظم
فياليتني قد كنت عند احتضاره أقبل ذاك الكف منه والثم
ويا ليتني قد كنت عند محمد اذا ماهم صلوا عليه وسلموا