مثال النعل في القرطاس خطا بسمر الشوق في الأحشاء خطا
و لمّا أنَّ لثمت ندى ثراه و غشي نوره جفني وغطى
شممت الورد من رياه يندى و شمت البدر من علياه حطا
ففجر لي من العينين بحرا و نثر من لآلي الدمع سمطا
و روى من جماد الجفن جسمي و أروى من زناد الشوق سقطا
و هز من أهوى غطف ارتياحي لأرض لم تزل تزداد شخطا
و ذكراني معاهد لست انسى المزار بها ولو بالبعد شطا
معاهد خير من ركب المطايا و اكرم من خطا نعلا وأوطا
بأخمص رجله الحسناء حازت مفاخر لم يطقها الوصف ضبطا
سمت فسعت لها زهر الدراري لتلثم وتطوف شوطا
فكلت دونها وسط عليها و لا بدعا بذاك الفخر يسطى
فمن قال الهلال لها مثال لعمر الله في التمثيل أخطا
و لكن البدور لها نعال تود بها تدارس علا وتخطى
و ما طلعت عيون الشمس إلاّ لطلعتها تروم بها محطا
و ما رقصت غصون النبت إلاّ لعلياء تحط الراس حطا
و ما غنت طيور الأيك إلاّ عليها تعتلى الأغصان حوطا
و ما حنت حداة العيس إلاّ إليها تبتغي أثلا وخمطا
و ما هبت نسيم المسك إلاّ لريها تنال بذاك خلطا
و لو يوما تخطت أرض جدب لمّا ألفت بها في الدهر قحطا
يحق لنا نعظمها جلالا و نربط طرسها بالقلب ربطا
و ننتعل الوجوه بها جمالا و نجعلها على الآذان قرطا
و تعتصب المفارق من ثراها و تكتحل العيون بذاك شرطا
نعفر وجنة فيها وخدا و نخضب من سواد الرأس شمطا
و ننشد من يعاتب في هواها "إليك خبط من عشواء خبطا"
و دعنا والهوى أنا أناس يزيد غرامنا بالعتب فرطا
و أنا معشر العشاق ممن يرى جور النوى والبعد قسطا
و نقنع بالجيال مدى الليالي و إنَّ طال التباعد أو تشطا
و لا سيما المثال وقد تبدى يجر على علا الجوزاء مرطا
و ما نعلا نريد ولا مثالا و لكن من بها العلياء تخطى
نبي إنَّ أتيت إلى حماه وجدت سماحة في الخلق بسطا
أتى والدين أصبح في انقباضٍ فعاناه إلى أنَّ نال بسطا
و قاتل في سبيل الله حتى أزال عن الورى قنطا وضغطا
و عمت دعوة منه وغمت بآبيات الهدى فرسا وقبطا
فطوبى للذي لبى سريعا و يا ويل الذي عن ذاك أبطا
سما لسما العلاء فنال قربا و هم بنعله نزعا وكشطا
و نودى طأ ولا تخلع نعالا و أبدل من مقام الروع بسطا
و أيده الإله بروح قدسٍ و مد له من التقديس بسطا
و عظمه على الأرسال طرا و نظمه بذاك العقد وسطى
هناك حباه فرضا من صلاة بها عنا الذنوب تصيب حبطا
و سدده إلى إنَّ جاء موسى و ردده إليه يروم حطا
إلى أنَّ يصير الخمسين خمسا و أبقى أجرها والإضر حطا
و أعطاه الشفاعة يوم حشر يقول أنا لها والناس قنطى
و تعجز دونها الأرسال طرا و تأتى الناس سبطا ثم سبطا
إذ الجبار يبرز بانتقام و يبدي للورى غضبا وسخطا
فيدنيه ويلهمه بفضل محامد مثلها ما قط أعطى
و مهما رام يشرع في سجود ويضرع بالدعا ويخر هبطا
يناد ارفع تطلع وأشفع تشفع و قل يسمع وسل ما شئت تعطى
فيحظى بالمراد قرير عينٍ بما أولاه تكرمة وغبطا
و يصدر شافعا في كل عاصٍ مصر دنس الأعمال وخطا
و يخرج من له أدنى نواةٍ من الأيمان والنيران فرطا
جزاه الله عنا كل خير و حاط به ديار الدين حوطا
و لا زالت صلاة الله تترى عليه ما بدا بدر وغطى
تفوح وختمها مسك عبيق يعم عبيره آلا ورهطا