أبدت لنا الأيّـام زهـرة طيبهـا وتسربلت بنضيرهـا وقشيبهـا واهتزّ عطف الأرض بعد خشوعها وبدت بها النعماء بعد شحوبهـا وتطلعت فـي عنفـوان شبابهـا من بعد ما بلغت عتّـي مشيبهـا وقفت عليها السحب وقفة راحـم فبكـت لهـا بعيونهـا وقلوبهـا فعجبت الأزهار كيف تضاحـك ببكائهـا وتبشّـرت بقطوبهــا وتسربلت حلـلا تجـرّ ذيولهـا من لدمها فيها وشـقّ جيوبهـا فلقد أجاد المزن فـي أنجادهـا وأجاد حرّ الشمس فـي تربيبهـا ما انصف الخيريّ يمنـع طيبـه لحضورهـا ويبجـه لمغيبهــا وهي التي قامت عليـه بدفئهـا وتعاهدتـه بدرّهـا وحليبهــا فكأنّـه فـرض عليـه موقّـت ووجوبـه متعلـق بوجوبهــا وعلى سماء الياسميـن كواكـب أبدت ذكاء العجز عـن تغييبهـا زهـر توقّـد ليلهـا ونهارهـا وتفوت شاو خسوقها وغروبهـا فضلت على سير النجوم بأسرها وسرّوها في الخلفتيـن وطيبهـا فتأرّجـت أرجائهـا بهبوبهــا وتعانقـت أزهارهـا بنكوبهــا وتصوّبت فيها فـروع جـداول تتصاعد الأبصار في تصويبهـا تطفو وترسيب في أصول ثمارها والحسن بين طفّوهـا ورسوبهـا فكأنّما هـي موجسـات أسـاود تناسب مـن أنقابهـا للصوبهـا فادر كؤس الأنس فـي حافاتهـا وأجعل سديد القول من مشروبها فحديث اخوان الصفـاء لـذاذة تجنى ويمن من جنايـة حوبهـا وأركض إلى اللذات في ميدانهـا وأسبق لسدّ ثغورهـا ودروبهـا أعريت خليك صيفها وخريفهـا وشتائهـا هـذا أوان ركوبهــا أو ما ترى الأزهار ما من زهرة إلاّ وقد ركبـت فقـار قضيبهـا والطير قد خفقت علـى أفنانهـا تلقى فنون الشدو فـي أسلوبهـا تشدو وتهتـزّ الغصـون كأنّمـا حركاتها رقص علـى تطريبهـا