تَدَاعِيَاتُ سَحَابةٍ شَرْقِيَّة (1 ) يُسَافِرُ صَوْتُكَ في جُدُرَانِ الضَّجَرْ وَ يُسْرِجُ فِيَّ مَراكِبَ شَوْقٍ ، وَ لَيْلَ سَهَرْ وَ يُشْعِلُ قِنْديلَ حُزنٍ قَدِيْمٍ أَذَابَ سَنَاهُ بُكَائِي…المَطَرْ رُطُوبَةُ صَوْتِكَ ، رائحةُ البَحْرِ تَسْكُنُ سَمَّاعَةَ التِلِفوْنْ فَتَهْدُرُ فِيْها رِياحٌ وَ مَدٌّ وَجَزْرٌ وَ يَسْكُنُ فيها حَنينُ الزَّوارِقِ عندَ السَّفَرْ ، بُكَاءُ النَّوَارِسِ ، أَحْزانُ قلبي التي لا تَنَامُ بِوَقْتِ السَّحَرْ رُطُوبَةُ صَوْتِكَ صارَتْ سَحَاباً يُعَطِّرُ لَيْلَ ( الرِّياضِ ) ، وَيَحْمِلُ روحي لِتَغْفُو على ( شَطِّ نِصْفِ القَمَرْ ) ! * (2) فَحينَ سَمِعْتُكَ أَصْبَحْتُ أَصْغَرَ خَمْسَ سِنِيْنْ وَ عَدْتُ إلى الصَّفِّ أَسْمَعُ نِصْفَ كَلامِ المُحَاضِرِ ، أَرْسُمُ صُوْرَتَهُ في الكِتَابِ ، أُخَرْبِشُ ، أَكْتُبُ شِعْرَاً وَ يَمْضِي الجَميعُ وَ كُلُّ الَّذِي قد فَهِمْتُ بِأَنَّ حنيني إليها يَفُوقُ احْتِمالَ البَشَرْ ! وَ أَرْجَعُ للسَّكَنِ الدَّاخِلِيِّ‌‌‌ وَ أَشْكُو مِنَ الوَاجِبَاتِ وَ أَلْمَحُ وَجْهي على شَاشَةِ الكُمْبِيُوْتَرْ فَأَشْتَاقُ أُمِّيْ وَيَزْدَادُ شَوْقِيَ لَمَّا أَدُوْرُ على عَتَبَاتِ المَطَاعِمْ أَذُوْقُ الطَّعَامَ وَ لكنَّني لا أَذُوْقُ الحَنَانَ الذي كانَ بَيْتاً لِحُزْنِيَ مُنْذُ الصِّغَرْ (3) وَ لَمَّا نَشَرْتَ عَصَافِيْرَ صَوْتِكَ في مَسْمَعِيْ تَجَلَّتْ لِعَيْنَيَّ مَحْبُوْبَتِيْ سَرَتْ بِيَ رَعْشَةُ أَوَّلِ نظرةْ ، تَنَفَّسْتُ في رِئَتِي عِطْرَهَا ، ضَغَطْتُ يَدَيْهَا ، وَ نَامَتْ يَدَايَ عَلى رَاحَتَيْهَا وَ أَهْدَيْتُهَا وَرْدَةً ، وَ كُرُوْتاً ، وأبياتِ شِعْرٍ ، و بَعْضَ الصُّوَرْ وَ نُوْلَدُ في غَفْلةٍ من عيونِ الجِراحِ كَطِفْلَيْنِ يرتديانِ الفَرَحْ فَنَرْجُو الدَّقائِقَ ألاَّ تَمُرْ وَ تَقْنُصُنَا نَظَراتُ الجُلُوسِ تُصَوِّرُ كُلَّ التِفَاتَاتِنَا وَ تَسْمَعُ بَوْحَ اليَدَيْنِ وَ هَمْسَ أصَابِعِنَا الخَائِفَةْ على الطَّاوِلَةْ تُسَجِّلُ شَوْقَ العُيُونِ التي تَتَحاشى النَّظَرْ وَلكنْ لماذا أَخَافُ وَ في مُقْلَتَيْهَا تَنَامُ ( الخُبَرْ ) !** وَعُدْنا مَعَاً كَأَنَّ القَبِيْلَةَ لَمْ تَغْتَلِ الحُبَّ فِيْنَا وَ تَنْفِ هَوَانَا وَ تَنْفِ القَمَرْ (4) رُطُوبَةُ صَوْتِكَ يا صَاحِبِيْ تُوْجِعُ القَلْبَ تَنْكَأُ فِيَّ جِرَاحَاً حَسِبْتُ سَتُنْسِِي نَزِيْفَ دِمَاهَا جِرَاحٌ أُخَرْ وَمَا كُنْتُ أَعْلَمُ أَنِّيَ جُرْحٌ وَ قَطْرَاتُ دَمِّيْ سِنينُ الدَّهَرْ