في الشتاء
ذكِّريني فقدْ نسيتُ ويا رُبَّ ذكرى تعيدُ لي طربي
وارفعي وجهَكِ الجميلَ.. أرى كيف هذا الحياءُ لم يذُبِ
أسندي رأسَكِ الصغيرَ إلى ثائرٍ في الضلوع مضطرب
ذلك الطفلُ، هدهديه فما ثاب من ثورةٍ ومن صخبِ
وامنحي عينيَ النُّعاسَ على خُصَلات من شعركِ الذَّهبي
ظمئي قاتلي! فما حذري موردي منكِ موردَ العطب
ثرثري، واصنعي الدموعَ ولا تحفلي إنْ هَممتِ بالكذب
بي نزوعٌ إلى الخيال، وبي للتمنِّي حنينُ مغترب
وا عَجَبي منكِ إنْ نسيتِ! وما أسفي نافعٌ ولا عجبي
لم أزل أرقب السماءَ إلى أنْ أطلَّ الشتاءُ بالسُّحُب
موعدنا كان في أصائلهِ ضفَّةٌ سندسيةُ العُشُب
نرقبُ النيلَ تحت زورقنا وخفوقَ الشراعِ عن كثب
وظلالَ النخيلِ في شفقٍ سالَ فوق الرمالِ كاللَّهب
كأسُنا مترعٌ وليلتُنا غادةٌ من مضارب العرب
ويكِ! لا تنظري إلى قدحي نظراتِ الغريبِ، واقتربي!
شفتاكِ الندَّيتان بهِ فيهما روحُ ذلك الحَبَب
شهد المنتشي بخمرهما أنَّ هذا الرحيقَ من عنبي!!