أسكنيني لون عينيك
أنا القادم من خلف ظنون الصحراء
ومعي كل ينابيع الأغاني الضامئة
وعبير الشعراء
خبئيني في مدى قارورة العطر بكفيك
أنا الطالع من بين غضون الموت و الحزن
أنا الواقف خلف الطلل الباكي دهوراً
دون أن تسمعني تلك الطلول الدارسة
مرة في العمر
أو ترجع لي ليلاي من منفى القبيلة
مرة [ تندى يدي
ينبت في أطرافها الورق الخضر]
إذا ما لامست أطراف ليلى
أو تداوى ناظري المجهد منها بالعيون الناعسة
مرة نرجع طفلين صغيرين لنرعى البهم .. آه
ليت أنا إلى الآن لم نكبر
ولم تكبر البهم
مرجحيني في سرير الحلم الغافي على حقل أغانيك
امسحي عن جبهتي رمل الصحارى
وغبار التعب الجاثي على صدري
انفضي عني تواريخ الظلام
متعب فارسك القادم
من معمعة الشعر وترصيع الكلام
متعب فارسك القادم
كمن خلف صفوف القافلة
لم يزل ملح الصحارى ملء حلقي
وعلى ساحة صدري
لم تزل مدقوقة أطناب آلاف الخيام
متعب .. آتيك من أقصى نهايات الجزيرة
ضاربات عرضاً وطولاً في الفيافي
حين أبصرتك يا خولة في الحلم
تحامتني العشيرة
وتأبى عن حديثي الأهل و الناس
وكل السابلة
وتحامتني صبايا الحي.
إلا أنت يا خولة كنت الشاغلة
و الجريرة
أسكنيني لون عينيك
افتحي بوابة للدم و الموت
انتهت بيني وبين الوطن المذبوح في قلبي المسفات
انتهى الوقت الذي كان سريراً في بد الخوف
وصار السيف مهداً .. و العذابات وساده
و الشهادة
وطناً نقرؤه قبل كتاب الموت
أو نعبده قبل العبادة .