و هَوِيتته يسَقىِ المدامَ كأَنّه ... قمر يطوف بكوكبٍ فى حِندِسِ
متَأرجَ الحَرَكاتِ تَندَى ريحة ... كالغصن هزّته الصَّبا بتنفَّسِ
يسعَى بكأسٍ فى أنامل سَوسنٍ ... و يدير أخرى فى مَاجِر نَرجسِ (2)
و من قاله فى الاستعطاف :
سجاياكَ إن عافَيتَ أندَى و أسمَح ... و عذرك إن عاقَبتَ أجلى و أوضح
و إن كان بَينَ الخطَّتَين مَزِيَّة ... فأَنتَ إِلى الأدنَى مِن اللهِ أجنح
حَنَانيكَ فى أخذِى برأيكَ لا تطِع ... عدَاتىِ ، و أن أَثنَوا عَلَىَّ و أفصَحوا
و ماذا عسَى الأعداء أن يَتَزَيَّدوا ...سِوَى أن ذنبى واضِح متَصَحَّح
نَعم لىِ ذنب ! غير أن لحِلمِكم ... صَفاةً يزِلّ الذنب عنها فيسفَخ(3)
و إن رجائى أن عندَك غيرَ ما ... يخوض عدو اليوم فيه و يَمرَح
و لِم لا ؟ و قد أسلفت ودَّا و خِدمَة ... يكراَّنِ فى لَيلِ الخطايا فيصبِح
و هَبنِى َ قد أعقبت أعمالَمفسدٍ ... أما تَفسد الأعمال ثمَّتَ تَصلح (4)
أقِلنى بما بينى و بينك من رِضًا ... له نحوَ رَوحِ الله باب مفَحَّ !
و عَفَّ علَى آثارِ جرمٍ جنيته ... بَهبّةِ رحمَى منك تمحو و تَصفَح
و لا تلتَفِت رأى الوشة و قولَهم ؛...فكل إِناء بالذى فيه يَرشَح (5)
سَأتيكَ فى أمرى حديث ، و قد ... أتَى بزورِ بنى عبد العزيز موَشَّح (6)
و ما ذاك إلا ما علمتَ ؛ فإننى ... اذا بت لا آسو و أجرح (7)
نَخيلتهم ، لا دَرَّ للهِ دَرَّهم ؛ ... أشاروا تجِاهِى بالشَّمَاتِ ، و صرَّحوا (8)
و قالوا : سيجزيهِ فلان بِفعِلهِ! ... فقلت : و قد يعفو يعفو فلان ، و يَصفَح !
أَلا إن بَطشاً للمؤَيدَّ يتَّقَى ... و لكن حِلمًا للمؤَيَّد أرجح
وينَ ضلوعى من هَواه تَميمة ... ستنفَع لو أنّ الحمِاَم مجَلَّح (9)
سلام عليهِ كيفَ داربَهِ الهوى ... إلىَّ فيَدنو ، أو علىّ فينزَح (10)
و يَهنِيه إن مِتّ السّلوّ ؛ فإنَّنىِ ... أموت ، و لىِ شوق اليه مبَرَّح
(1) هو أبو بكر محمد بن عمار وزير المعتضد بن عباد ملك أشبيلية ، ثم وزير ابنه المعتمد ، و بيد المعتمد قتل بعد خيانة له الملك و السياسة سنة 477 هـــــــ و كان شاعراً بليغا يتشبه بالمتنبى فى مطلمعه فى الملك و الدولة .
(2) السوسن و النرجس : زهران أبيضان من فصيلة البصلية .
(3) أى أن حلمه كالصخرة الملساء يزل عنها الذنب .
(4) ثمت : هى (ثم) العاطفة لحقتها تاء التأنيث كما تلحق (رب) فيقال : (ربت) و أصلها أن تكون ساكنة ، و لكنها تفتح معهما كثيراً .
(5) تلتقت مضمن معنى فعل متعد ، تقديره : (تعتبر أو تقبل) .
(6) كانوا من موالى المنصور بن أبى عامر ، ورثوا أبناءه و أحفاده فى شرقى الأندلس ، وكانتلهم به دويلة دامت ردحا من الزمان .
(7) اذا ثبت : اذا رجعت الى ما كنت عليه من وزارتك . و اسو : من أسا الجرح أى دواه و عالجه . و المراد لا أنفك انفع و أضر ؛ فينالهم منى شر .
(8) نخليهم : أى هذه نخيلهم . و النخيلة : تالطبيعة و النصيحة . و كلا المعنيين لاثق . و الجملو : دعاء عليهم .
(9) التميمة : خرزة رقطاء كان الأعراب يعلقونها فى أعناق أطفالهم لتقيهم شر العين و الشياطين . و الملج : الأكول . والمعنى فى قلبه له حب .
(10) ينزح : يبعد .