الطفل الخالد
*****
لأنك كنت ومازلت طفلا
سبقى مدى الدهر شاعر
وتبقى مدى العمر ثائر
وتبقى مغامر
وتبقى فراشا شرود
يمص الشذى من شفاه الورود
ويحسب أن الوجود ،
مدى العمر ، حقلا يزاحم حقلا
لأنك كنت مازلت طفلا .
****
وتزرع يمناك ، فوق بياض الصحائف ، حقل حروف
فترقص مثل الذنوج
على نقرات الدفوف
ويعلو النشيج
كما يتمزق موج البحار
بأنياب صخر الخليج
وتفتح أفواهها فى صراخ عنيف
فحرف كطلق البنادق
يطارد حرفا لئيما منافق
وحرف يثور
كحر اللظى والسعير
وحروف يدور
كراقصة القصر بين الخدور
****
وحرف يقبل ثغر الحبيب
شهيا لذيذا كأحلى المناهل
وحرف كرحالة شردته الدروب
يسافر فى الشرق والغرب عبر المجاهل
فهذا جرىء . . رئيس عصابة
وذلك أجوف . . اجبن من أن يصيد ذبابهو
ذاك  كلون التراب . . وطبع التراب
به ذلة واستكانه
كعبد ذليل كسته المهانة
فحرف كثغر ضحوك شبيه اللجين
وحرف كعين تلوح بدمع سخين يسيل من المقتلين
وللحركات على كل حرف رفيف
كأوراق أشجار غاب كثيف
تدفق منها الحفيف
وتسكب يمناك ألوان قوس قزح
فأنا تلوح على اللوح مقبرة للشقاء
وانا تهل على الطرس زرعة للفرح
فتغرق فى عطر زهر الربيع
ويغمرنا بالجفاف الخريف
تظن حروفك أن شبابك ولى
وأنك قد صرت كهلا
وتنفر منك نفور الصبايا الحسان
فتصرخ فى كل حرف عنيد :
إذا كان للشمس عند المغيب
جمال فريد
فإنى أرى الشمس عند المغيب
اجل وأحلى ولن أنتهى
قبل أن أنتهى
لأنى قهرت النهاية
ولن اشتهى فوق ما أشتهى
لأنى تجاوزت فى رغبتى كل غاية
سرقت ضياء القمر
وشيدت ف الريح قصرا منيع
وصيرت كل الحروف شموع
تنير الدروب وتهدى الجموع
وأعلم أن رحيق الحياة سراب
وزهرتها لم تكن غير زهرة دفلى
ولكننى قد أذبت لها العمر . . قد
مت روحى
على مذبح الحرف كبش فداء
وماقلت للحرف : رفقا بقلبى
ولا قلت للعمر : بالله مهلا
لأنى كنت ومازلت طفلا . . وسوف أظل مدى الدهر شاعر
وأبقى مدى العمر ثائر . . وأبقى مغامر