بكاؤكما يشفي وإن كان لا يجدي *** فجودا فقد أودى نظيرُكمَا عندي بُنَيَّ الذي أهدْتهُ كَفَّايَ للثَّرَى *** فيا عزَّةَ المُهْدَى ويا حَسْرَةَ المُهْدِي ألا قَاتَلَ الله المنايا وَرَمْيَها *** منِ القومِ حَبّاتِ القلوبِ على عَمْدِ توخَّى حِمَامُ الموتِ أوسطَ صبيتي *** فلله كيف اخْتارَ واسطةَ العِقْدِ على حين شمتُ الخيرَ مِنْ لَمَحاتِهِ *** وآنستُ مِن أفعالِه آيةَ الرُّشدِ طواهُ الرَّدى عنِّي فأضحى مَزَارُهُ *** بعيدًا على قُربٍ قريبًا على بُعدِ لقد أنجزتْ فيه المنايا وعيدَها *** وأخْلَفَتِ الآمالُ ماكان مِنْ وَعْدِ لقد قلَّ بين الْمَهْدِ واللَّحْدِ لُبْثُهُ *** فلم ينسَ عهْدَ المهدِ إذ ضمَّ في اللَّحدِ تنغَّصَ قَبلَ الرِّيِّ ماءُ حَياتِهِ *** وفُجِّعَ منه بالعُذُوبَةِ والبَرْدِ ألحَّ عليه النَّزفُ حتى أحالَهُ *** إلى صُفرةِ الجاديِّ عَنْ حُمْرَةِ الوردِ وظلَّ على الأيدي تَسَاقَطُ نَفْسُه *** ويَذْوِي كما يَذْوِي القضيبُ مِن الرَّنْدِ ِفَيالكِ مِنْ نَفْسٍ تَسَاقَطُ أنفسًا *** تَسَاقُطَ دُرٍّ مِنْ نِظَامٍ بلا عِقْدِ عَجبتُ لقلبي كيف لم ينفطرْ لهُ *** ولوْ أنَّهُ أقسى من الحَجَرِ الصَّلد ِبودِّيَ أني كنتُ قُدِّمْتُ قَبْلَهُ *** وأنَّ المنايا دُونَهُ صَمَدَتْ صَمْدِي ولكنَّ ربِّي شاءَ غيرَ مشيئتي *** وللرَّبِّ إمضاءُ المشيئةِ لا العبدِ وما سرَّني أَنْ بِعْتُهُ بثوابِه *** ولوْ أنَّه التَّخْليدُ في جنَّةِ الخُلدِ ولا بِعْتُهُ طَوعًا ولكن غُصِبْتُه *** وليس على ظُلْمِ الحوادث مِنْ مُعْدي ِوإنّي وإن مُتِّعْتُ بابْنَيَّ بعْده *** لَذاكرُه ما حنَّتِ النِّيبُ في نجدِ وأولادُنا مثلُ الجَوارحِ أيُّها *** فقدناه كان الفاجعَ البَيِّنَ الفَقْدِ لكلٍّ مكانٌ لا يسُدُّ اخْتِلاَلَهُ *** مكانُ أخيه في جَزُوعٍ ولا جَلْدِ هلِ العينُ بعدَ السَّمْعِ تكفي مكانَهُ *** أم السَّمعُ بعد العينِ يَهْدِي كما تَهْدي لَعمْري:لقد حالتْ بيَ الحالُ بعدهُ *** فيا ليتَ شِعري كيف حالتْ به بعدِي ثَكِلتُ سُرُوري كُلَّه إذْ ثَكِلْتُهُ *** وأصبحتُ في لذَّاتِ عيشي أَخا زُهْدِ أرَيحانَةَ العَينينِ والأنفِ والحشا *** ألا ليتَ شعري هلْ تغيَّرتَ عنْ عَهْدي سأسقيكَ ماءَ العين ما أَسْعدتْ به *** وإن كانَتِ السُّقيا مِنَ الدَّمعِ لا تُجدي أعينيَّ:جودا لي فقد جُدْتُ للثَّرى *** بأنْفَسَ ممَّا تُسأَلانِ من الرِّفدِ أعينيَّ:إنْ لا تُسعداني أَلُمْكُما *** وإن تُسعداني اليومَ تَستوجِبَا حَمْدي عذرتُكما لو تُشْغلانِ عَنِ البكا *** بنومٍ وما نومُ الشَّجِيِّ أخي الجَهْدِ أَقُرَّةَ عَيْني:قدْ أَطَلْتَ بُكاءَها *** وغادرْتَها أقْذَى مِنَ الأعْيُنِ الرُّمْدِ أَقُرَّةَ عيني:لو فَدى الحَيُّ ميِّتًا *** فديتُك بالحوباء أوَّلَ مَنْ يَفْدِي كأنِّيَ ما استَمْتَعتُ منك بنظرة *** ولا قُبلَةٍ أحلى مذَاقًا مِن الشَّهدِ كأنَّيَ ما استمتعتُ منك بِضَمَّةِ *** ولا شمَّةٍ في ملْعبٍ لك أو مَهْدِ ألامُ لِمَا أُبدي عليْك مِنَ الأسى *** وإني لأخفي منه أضعافَ ما أبدي محمَّدُ:ما شيءٌ تُوهِّمُ سَلوةً *** لقلبي إلاَّ زاد قلبي مِنَ الوجْدِ أرى أَخَوَيْكَ الباقِيَيْنِ فإنما *** يكونان للأحزَانِ أوْرَى مِنَ الزَّنْدِ إذا لعِبا في مَلْعَبٍ لك لذَّعا *** فؤادي بمثْلِ النارِ عنْ غيرِ ما قَصدِ فما فيهما لي سَلوةٌ بلْ حَزَازَةٌ *** يَهيجانِها دُوني وأَشقى بها وحدي وأنتَ وإن أُفردْتَ في دار وحْشةٍ *** فإنِّي بدارِ الأنسِ في وَحْشَةِ الفرد أودُّ إذا ما الموتُ أوفدَ مَعشَرًا *** إلى عَسْكِر الأمواتِ أنِّي مِنَ الوفْدِ ومَنْ كانَ يَستَهْدي حَبِيبًا هَديَّةً *** فطيفُ خيالٍ منكَ في النومِ أستهدي عليك سلامُ الله منِّي تَحِيَّةً *** ومِنْ كلِّ غيثٍ صادقِ البرْقِ والرَّعدِ