عملاق لم يخرج من بيضة رخ أو تعرف بولادته أنثي الحيتان
وضعته امرأة طيبة من أهل بلادي وككل نساء الدنيا تهوي الصبيان
قالت هذا أمل بلادي وسيحمل مشعل نور ليضيء ظلام الخذلان
واستنفر كل مشاعرها أن لمحت في عينيه رجل ذو شان
لا يمكن أن تكذب أبدا تلك القسمات أو يأتي نبل ملامحه بالبهتان
وجه الكذاب عرفناه وكذلك نعرف كل وجوه الظلمة وجنود الشيطان
ويشب سريعا يتقد ذكاءا ينهم في معرفة أمور لا تشغل بال الغلمان
لكن ببلاد لا تعرف للعقل مكان
لا ترشد أي بنيها لا تعبأ إن ضل الصبيان
فيها ستتوه عباقرة لن تعرف معني للإتقان
فبلاد ترفع راية كل سقيم وتدس الحق مع الأكفان
فيها يعبد دين الغرب لكن لاكنس ولا رهبان
أقصد إغراقا ماديا لا يعبا لجميع الأديان
لا يتبع موسي أو عيسي أو يؤمن بحبيب الرحمن
بل يرفع صنم الشهوات و يصم الأذن عن الآذان
كم يصرخ من عقلوا فيها لن نعرف دربا للإبداع بلا إيمان
ومضي عملاق أراضينا يلتمس الحق بكل مكان
يسمع أصواتا تدعوه اقبل لتري نور الوجدان
في ألف طريق و طريق كبحار ليس لها شطآن
احتار طويلا هل يتبع حقا مدفونا أم يقبل باطل مزدان
امضي أياما يستجدي حقا يتلمس نورا من جوف دخلن
فأتاه يلتمس هداه فراه قد ملا سوادا كالغربان
ومضي يتحسس ما فيه فبدا كسراب لا إشراق ولا جسمان
ومضي ينزع ثوبا ألبسه بل يسلخ جلدا أورثه
يستشرف كل طريق يتسمع من خلف الجدران
ضاعت من بين يديه سنين واحتبست منه الروح خلف القضبان
واتته اللطمة بعد فوات أوان بل قبل فوات أوان
ببلادي نرضي أن يحمل عملاق فأس الصبيان
وندور نهلل أن يحرث قيراطا أو قيراطان
وإذا اقبل زمن الجد واجتاح أراضينا الطغيان
فسيحمل أشجع من فيها شفرة موسيي ليجابه سرب الطيران
سيقول القائل لا تحزن فلكل عباقرة الأوطان
نور منتشر كفنار يهدي الأفلاك إلي الشطان
يأكل عباقرة الدنيا هل يغني النور عن الربان
هل تنجو فلكا مشرعة صرعتها الريح بلا استئذان
والدفة فيها حائرة لا تقدر أن ترسو بمكان
يا بلدا كانت وطنا لجميع الناس أما في دفء الحساس
نور يتلألأ ليبدد ظلمات الجهل في كل مكان
يا مهجر إبراهيم ومنازل موسي يا موطن يوسف إذ ضاقت عنه الأوطان
أني ننسي مولد عيسي ومنازل جل الرسل ووصاة حبيب الرحمن
لن نبلغ يوما ما نرجو أو نكمل أركان البنيان
حتى نعلم أن الحق لن ينبت في ارض الخذلان
فنقوم لننشأ أجيالا تحيا بالعلم وبالإيمان
تجعله نورا يهديها لتنير طريق بني الإنسان
في لحظة صدق مخلصة أيدها توفيق الرحمن
يرجع عملاق أراضينا ليبين حقا غاب وهان
ليسطر مجدا كادت تطويا ألازمان
وليرفع أحجبة الزيف عن وجه الخسة والنكران
ليبين تاريخ الشيطان و ليحكي مأساة الإنسان
لينير لنا درب القدس ويدق الناقوس الصدان
ويشق طريقا واضحة ليكف الناس عن الهذيان
لكن القدر كعادته يستأثر بالفذ النبهان
في لحظة حق محزنة تصعد روح أمير الفرسان
نرجوها في جنة عدن تكلأها مغفرة الرحمن
وأقول وداعا لأبينا البطل الإنسان
من قاتل كل الأهواء من اسقط أقنعة الشيطان
من عاد ليغرس في الدنيا زرع الأيمان
من كشف لنا ظلمة جهل تحجبها السنة البهتان
ارقد بسلام لن ننساك ميراثك حي في الوجدان
ارقد بسلام لا تأسي لن يحجب نورك أي دخان
من عاش ليحيي مجدا غاب عن الأذهان
أبدا لن يطويه النسيان ....أبدا لن يطويه النسيان
تعليق:
هذه القصيدة كتبتها في ذكري رحيل العالم الكبير الأستاذ الدكتور عبدا لوهاب المسيري رحمه الله الذي ترك فراغا لن يعوض في حياتنا كمفكر إسلامي أوقف نفسه علي قضايا تخدم كل أبناء هذا الوطن وهي مرثية بعنوان (رثاء كل مفكري هذا الوطن)