سبحان من رفع السماء سبحان رب العالمين
سبحان من خلـق المـلائك والخلائق أجمعين
ثم استوى علىَ عـرشه والعرش يومئذٍ مكين
وبدا يخاطب خلقـه والخلق حوله يسمعـون
إذ قال إني صـانعٌ إنسان من مـــاءٍ وطين
آدم وأبعـث روحــهُ فـيه وأنتم تنظـرون
وأريـه منـه زوجـه وبنوه من ماء مهين
يلدون من أصلابهـم ولبعضهم يتوارثـــون
فأنا الذي إن قلتُ كُـن للشئ حتما أن يكـون
فأتمه في لحظة وإذا المـلائك معجبين
نسخ العلوم لـه وهـم بعلـومه لا يعـلمون
قال الإله لهم أنا سـويته فــهو اليقيــن
أٌمـروا فخروا سُـجداً واستنكف ابليس اللعين
رفض السجود وقال لا أسجد لماءٍ أو لـطيـن
النار أصلِي ومعدني والمـاء خصــــم لي مبين
غضب الإلـه وقـال يا إبليس كـن في الخاسـرين
فأجــابه ابليس الشـــقي: انظرني يا ربي لحـــين
فيقـــــــــــــول رب الكائنات لك مــــا طلبته يا لــعين
صــــاح اللعين مقـــــــــهقها وبدا مــــــن الــمتكبـرين
تعسا لخلقك يا إلــــــــــــــهي ســـــــــأغوينهم أجمعين
فيقول رب العــالمينْ : إلاّ عبـادي المـؤمنين
ولأجعلَّـن جـهــنم مـلأى بكل المـجرمين
أحد المـلائك هـامساً : آدم من المتجـبرين
آدم لقد سفك الدمـاءْ وبـنوه مثله مفسدين
فلماذا تجعله الخليفة لكْ ، ونحن الطائعين ؟
نحن الذين حياتنا لك حامـدين وعــابدين
وإذا بآخـر رافعـاً يـده ومحتـجا ً حـزين:
يا رب نحن لك العباد ْ وإليك نحــن مقـربين
فلماذا أنت اختــرت آدم يا إلــه العالمين
قال الإلـه لهـم أنا عالمْ بمـا لا تعـلمون
منذ الذي يهبط لها ويكــون صادقْ لي أمين
وإذا بهاروت الصدوقْ وأخـيه مــارت الأمين
قالا بصوت واحـد يا رب نحن القـادرون
سنبُثُّ أخلاق السما في الأرض حيث المفسدين
ونكون نعم المرشدين لـهم ونعم المصلحون
خـدعوا بـقوتهم وما علموا بأن لهم كمين
في الأرض حيث هبوطهم جاهز وهم لا يعلمون
فأجـازهم رب السماء وقال كونوا جاهـزين
وإذا بهم في لحظة في الأفق ساروا مسرعين
هبطا إلى الأرض التي فيها العُصاة المجرمين
هبطـا لها في بابـل بلد الهـوى والرافدين
وبدوا بها أعـمالهم بالخير هـم متفائلون
ما زالوا في أعمالهم متـفانيين ومخلصين
يتبرعـــان بعلمهم ويُعلِّمـان الجاهـلين
حكمـاء هم وبطبعهم للخير كانوا زارعـين
وهـبوا السعادة للجميع وللمريض معالجـون
ساروا بحكمتهمْ وفي أعمالـهم متضامنين
مـا زالـوا في أعمالهم وبجدهـم مُتميزون
حتى إذا ظـهرتْ لهـم أنثى تســر الناظرين
الصبح هـلَّ بوجهها والليل قـد غطى الجبين
قالت: أنا مـوجوعـة وبـدت تظاهـر بالأنيـن
وعلمـت أن مُـعالجي منكـم فماذا تنظـرون
هيا اسعفان ِِِِِِِِِِِِِِِوساعـدانِ فًََـدائي في صدري دفين
هيا انظرا وتأملا وسـأدفع الأجــر الثمــين
نظرا إليهَا ودقـقـا فيها النظـرْ متعجـبـين
خُدعــا بفتـنتهـا وهـم لخداعها يتآمـرون
فتآمروا مـا بينهم بعيونهــم مـتـغامـزين
قـالا لها هـيا اذهـبي وسنلتـقي بك مصبحين
ذهبت وغابت شـمسهم ومضـوا بها متأملين
كل يقول إلى أخيـه الـيوم يا أخي متـعبين
هل أنت مثلي يا أخـي قلق ويغـزوك الحنـين؟
وقضوا سـويعات المسا بفـراشهم متقلبـين
شعروا بأن الليل طال وأن ليلتهــم ســنـين
كل يسـائل صـنوه هـل أنت أغـمضت العيون؟
حلموا وفاضوا شـهوة للقائها متـشوقيـن
حتى إذا طـلَّ الصباحْ كـانوا بـدربها حاضرين
وإذا بـها قـد أقبلتْ حسـناء تـطفح بالمجون
جاءت موردة الخـدود ووجهها مثل اللجـين
الطيب فاح إذا بدتْ وبـدتْ تغـازل بالعـيون
وتقـول هـذا مـوعدي معكم وأنتـم واعـدون
في الصدر عندي عــلة مـاذا أراكم فاعــلين؟
كشفت عن الصدر الذي قـد حـطَّ فيه الناهـدين
فتعجبوا مـن حسنهـا بُـهتوا إليهـا صامتيـن
قالا لهـا يا مـرحبا إنّا لـوعـدك صادقــين
وأشار كل منهــما لها باليسـار وباليمــين
قالا لهـا هـيّـا ادخلي إنا إليك مـعالجـين
دخلت وظنّوا أنهـا وقـعت لـهم صيداً ثميـن
همسوا : إلينا حاجـة بكِ فانظري ماذا تـرين
ومضوا إليها عـابثين بشـعرهـا متلاعــبين
نفرت فـزادت فتنة وبـدت لهـم كالغـاضبين
قالت لـهم لا تقـربوا منّي ولا يـدي تلمسـون
إلاّ إذا مــن خمــرنا اليوم كنتم شـاربون
فالخمر يـذهب بالأسى ويزيل بـؤس البائسون
قالا لها هــذا محالْ هـذا حـرام لن يكون
خـرجت وكانوا خلفها متجهـمين وعابسيـن
نظرت لهـم بعيونها والسحر فاض من العيون
وإذا بهم في لحـظة عن رأيـهم يتـراجعـون
وتغيروا من حزمهم معـها إلى دعـة وليـن
هاروت دندن هامساً : ويـزيل بؤس البائسين
ويضيف ماروت الشقيْ : أنا لخمرك ِشـاربون
هيا ارجـعي .. هيا ادخلي إنا إليك موافـقون..
هاروت هات لنا الكؤوسْ واحذر عيون المارقين
رجعت ومعهـا دنـّها هـبّوا إليـها مسرعين
سكبت لهم من خمرها بجما لها هُـْم تائهـون
قالت لهم هيا اشـربوا هـذا شـراب المُنعمين
فيـهِ شـفاء للقـلوب وفيه مـما تـشـتهون
شربوا وهلَّ سرورهمْ وبـدوا جميعاً يرقصون
وإذا بهـا تهتزُّ بينهـما كعـود الياسـميـن
سكروا وفاضوا نشـوة واشـتد بينهـم الحنين
ورمـت إليهـم دمـية جلمود صخر لا يليـن
قالت: لـهم هيا معي ولكـم معـي ما تبتغون
هـيا اسـجدوا وتقـربوا هــذا إله الأولين
سجدوا لدميتها وما عرفوا لمـنْ هـم ساجدين
وإذا بهم في لـحظة لله صـاروا مشـركـين
وقضوا سويعات الهوى معها وهم لا يشـعرون
كالشمس كانت بينهم وهـم إليهـا يتبعـون
تلهو بهـم كما ترى وتُـذكّي بينهم الشجـون
لا يفـقهون بما جـرى حتى ولا ِبمَ يؤمرون
فاضت بهم شهواتهـم وإذا بهم يتـسابقـون
غير الخطيئـة لا يـرون ودونهـا لا يطلبون
ما زالوا في ضوضائهم يتراقصون ويلعبون
يتداولون وصالهـا هــم بالخطيئة سادرون
حتى إذا وقعوا بهـا جـهراً وهم لا يرعوون
وإذا بشيخ قـد بـدا أكلت عليه يـد السـنون
رصـدوه ينظر نحوهـم مُتـرقباً ما يفعلون
قالت لهـم هيـا اتبعوهْ مالي أراكم خائفين
فلقد رأى أفعــالنا هـذا وأنتم تشـهدون
لو غاب عن أنظاركم فسـينشر الخبر اليقـين
وتكـون فينا فضيحة يهـتم فيها العـالمين
