تَرَاتِيل.. (ر) رَآكِ (بلُوتُو) أخِيرَاً ذَاتَ مَسَاء وَحِيدَةً، تَصطَادِينَ الفَرَحَ السَّاكِنَ فِي عَينَيكَ وَتَنثُرِينَهُ فِي الهَوَاء؟ فَبَكَى كَثِيرَاً، قَبلَ أن يَأخُذَكِ وَيَترُكَ الحُزنَ يَعِمُّ المَكَان؟! رَآكِ (بلُوتُو) أخِيرَاً فَخَافَ أن يَغرَقَ فِي بَحرِ عَينَيكِ العَمِيقَتَينِ مِثلَ حَصَاة لِذَا، أغمَضَهُمَا عِندَمَا كُنتُ بَعِيدَاً عَنكِ ذَاتَ مَسَاء؟! (س) سَمعَاً وَطَاعَةً لِعَينَيكِ قُلتُهَا، ذَاتَ مَرَّةٍ فِي الصَّبَاح حِينَ لَمَحتُ الشَّمسَ تُشرِقُ مِنهُمَا وَتُسَبِّحُ بِحَمدِ عَينَيكِ السَّمَاء!؟ وَحِينَ اصطَفَاكِ (بلُوتُو) وَبَقِيَتِ الشَّمسُ تُشرِقُ كُلَّ صَبَاح تُسَبِّحُ بِحَمدِهَا الطُّيُورُ، وَالأشجَارُ وَذَرَّاتُ التُّرَاب! أدرَكتُ وَقتَهَا.. لِمَاذَا أفرَحُ كَثِيرَاً لِشُرُوقِ الشَّمسِ وَيُحزِنُنِي طَوِيلاً غُرُوبُهَا كُلَّ مَسَاء؟! (م) مُدِّي يَدَيكِ، فَالشِّتَاءُ عَلى الأبوَاب هَذَا العَامُ الثَّامِنُ وَالعُشرُونَ، أتُوقُ فِيهِ لِلدِّفءِ أكثَر فَلِمَاذَا رَحَلتِ؟ قَبلَ أن يَأتِيَ الشِّتَاءُ وَتَرَكتِنِي جُثَّةً فِي العَرَاء؟! قَبلَ أن يَأتِيَ الشِّتَاء سَبَقَنِي (بلُوتُو) إِلَيكِ فَالبَردُ شَدِيدٌ فِي (هَادِيسَ) الخَوَاء وَ(بلُوتُو) يَخَافُ البَردَ وَيَدَاكِ دَافِئَتَانِ، كَعَينَيكِ لِذَا سَبَقَنِي قَبلَ أن يَأتِيَ الشِّتَاء (ي) يَا ذَاتَ القَلبِ الكَبِير هَذَا الصَّبَاحَ، بَكَى الفُرَاتُ حِينَ استَيقَظَ وَلَم يَجِدكِ عَلى شَاطِئِهِ تَغتَسِلِين.. تَعَكَّرَ وَجهُهُ، وَمِن يَومِهَا لَم تَعكِس صَفحَتُهُ وُجُوهَ المُحِبِّين! فَلِمَاذَا حَرَمتِ الفُرَاتَ صَفَاءَهُ يَا ذَاتَ القَلبِ الكَبِير، وَتَرَكتِهِ حَزِينَاً!؟ وَلِمَاذَا رَحَلتِ بِدُونِي؟ أمَا عَلِمتِ أنِّيَ الفُرَاتُ، وَأنَّ الفُرَاتَ يَظَلُّ لِمَجرَاهُ الأمِين؟! (هـ) هَمَسَت بِأُذنِي ذَاتَ مَسَاء فَتَطَاوَلَ الزَّنبَقُ مِن حَولِنَا وَأنصَتَتِ السَّاقِيَة! قَالَت، عِبَارَةً فِي العِشقِ رَقَصَ النَّرجِسُ لَهَا وَانحَنَى اليَاسَمِينُ، وَغَرَّدَ الطَّيرُ بِهَا عَلى الدَّالِيَة! وَهَذَا الصَّبَاحَ وَحِيدَاً مَعَ الزَّنبَقِ الحَزِينِ جَلَستُ.. أبكِي ذَاتَ القَلبِ الكَبِيرِ فُرَاتِيَّةَ العَينَينِ، رَبِيعِيَّةَ الشَّفَتَينِ فَيَبكِي الزَّنبَقُ مِن حَولِي، وَاليَاسَمِينُ يَندبُ النَّرجِسُ، وَتَفِرُّ الطَّيرُ لِفِرَاقِهَا وَتَنتَحِبُ السَّاقِيَة؟! (ح) حَمَلتِ، وَحِيدَةً كِيسَ أحزَانِكِ العَتِيق. فَمَا تَعِبَت قَدَمَاكِ يَومَاً وَمَا انطَفَأَ فِي عَينَيكِ البَرِيق! وَحِيدَةً كُنتِ، مِثلَ مِصبَاحٍ عَلى قَارِعَةِ الطَّرِيق تُضِيئِينَ لِلعُشاقِ وَالنَّخِيل! وَذَاتَ مَسَاء.. عِندَمَا كُنتُ بَعِيدَاً عَنكِ سَرَقَكِ (بلُوتُو) تَحتَ عَبَاءَتِهِ؛ لِتُضِيئِي ظَلامَ (هَادِيسَ) العَمِيق فَتَرَكَنِي وَحدِي فِي الظَّلامِ مُبَعثَرَاً بِلا رَفِيق!؟ وَتَرَكَ لِي، كِيسَ أحزَانِكِ مَنثُورَاً عَلَى الطَّرِيق!؟ (د) دَعَاكِ (بلُوتُو) ذَاتَ صَبَاح حِينَ رَآكِ بَينَ الحُقُول. تُوَزِّعِينَ الخِصبَ، وَلا تَأبَهِينَ بِالفُصُول! رَاوَدَكِ مِرَارَاً، وَمِرَارَاً لِلنُّزُول، فَآثَرتِ وَجهَ الأرضِ تُزَيِّنُهُ الزُّهُور! وَذَاتَ مَسَاء.. ارتَمَى تَحتَ نَعلَيكِ، مَسرُورَاً بَعدَ أن قَدَّ قَمِيصَكِ الأخضَرَ الجَمِيل، فَحَلَّ الجَدبُ ضَيفَاً ثَقِيلاً حِينَ صَادَرَ نَهدَيكِ وَتَرَكَ أزرَارَ قَمِيصِكِ فِي العَرَاء!؟ (أ) أنَا مِن بَعدِ عَينَيكِ لَيلٌ مُوحِشٌ مَا طَرَّزَت عَبَاءَتَهُ النُّجُوم، لا، وَلا ضَحِكَ القَمَرُ بِعُبِّهَا يَومَاً وَلا احتَالَ عَلى الغُيُوم! أنَا مِن بَعدِ عَينَيكِ هُيُولى البَدَءِ.. بِلا مَلامِحَ أو تَكوُين! فَمَن يُعِيدُنِي إِلَيَّ وَيُشَكِّلُنِي، وَيَنفُخُ رُوحِيَ ـــ سِوَى عَينَيكِ ـــ فِي الطِّين!!؟ (د) دِمَشقُ، مِن بَعدِ عَينَيكِ طِفلَةٌ عَميَاءُ وَبَرَدَى عُكَّازُهَا القَدِيم! دِمشَقُ، فَاكِهَةُ العِشقِ ـــــ مِن بَعدِ شَفَتَيكِ ـــــ غُوطَتَاهَا تَستَحِي أن تَفِيق!؟ وَقَاسَيُونُ، مِن دُونِ خُطُوَاتِكِ لا يُجِيدُ الغِنَاء! فَمَا وَقعُ المَاشِينَ عَلى صَلعَتِهِ، يُطرِبُهُ وَلا وَشوَشَاتُ العُشَّاقِ فِي المَسَاء! دِمَشقُ.. مِثلِي حَزِينَةٌ وَلَكِن كِلانَا لا يُجِيدُ البُكَاء!!؟ فَاصِلَة لَم تَكُن اِمرَأةً تِلكَ الَّتِي أحبَبتُهَا كَانَت صُورَةً لِلآلِهَة! وَفَصلاً وَحِيدَاً فِي دَورَةِ الحَيَاة!؟ كَانَتِ اللَّيلَ.. وَالنَّهَارَ، وَكُلَّ شُهُورِ السَّنَة. كَانَت خُبزَ الرُّوحِ، وَمِلحَ الطَّعَامِ، وَشُمُوخَ المِئذَنَة! وَلَم تَكُن سِوَى.. (بِريِسفُونِي) المُؤمِنَة!؟ حَاشِيَة أحلُمُ بِامرَأةٍ تَشرَبُنِي.. مَعَ قَهوَتِهَا فِي الصَّبَاح! وَتَبعَثُ فِيَّ نَشَاطِي كَحَبَّةِ الهَيلِ فِي فَمِهَا الجَمِيل!؟ أحلُمُ بِامرَأةٍ تَأكُلُنِي فِي الظَّهِيرَةِ وَتُقَشِّرُ تَعَبِي.. كَمَا التُّفَّاحَةُ بَينَ يَدَيهَا وَتَرمِيهِ لِلبَعِيد! أحلُمُ بِامرَأةٍ.. تُشَارِكُنِي حُزنِيَ فِي المَسَاء، تُعَرِّينِي كَطِفلٍ صَغِير! وَتُخِيطُ أزرَارَ رُوحِيَ قَبلَ أن تَدخُلَ فِي رِئَتِي الثَّالِثَة!؟ نُقطَة أحلُمُ بِامرَأةٍ.. جَسَدُهَا بِرَائِحَةِ العُشبِ، وَنَهدَاهَا بِحَجمِ الأرضِ! أُمطِرُهَا بِمَائِي وَبَرقِي؛ فَتَحضُنُنَي كَقِطّ صَغِير!!؟ تَنبُتُ فِي الصَّبَاحِ شُمُوسَاً وَسَنَابِل، وَفِي المَسَاءِ.. غَابَةَ أقمَارٍ وَأيَائِل!!؟