الوَعل.. وَحِيدَاً.. تَقتَاتُ تَعَبَكَ فِي المَسَاء، وَتَخلَعُ عَبَاءَةَ حُزنِكَ القَدِيم! وَحِيدَاً.. تَبحَثُ عَن مَكَانٍ لِخَطوِكَ لا يَنبُتُ فِيهِ الخَوفُ أنيَابَاً طَوِيلة!! فَعَينَاكَ المُتعَبَتَانِ تُرَاقِبَانِ ظِلَّكَ، وَالمَكَان دَائِرَةً تَضِيقُ.. وَأُذنَاكَ تَدُورَانِ، تَدُورَانِ فِي كُلِّ الجِهَات! فَلِمَاذَا تَخَافُ؟ أن تَحلُمَ كَالعَصَافِيرِ، وَتُحَلِّقَ بَعِيدَاً عَن ظِلَّكَ فِي النَّهَار؟! لِمَاذَا؟ فِي المَسَاء وَحِيدَاً، تُخِيطُ جِرَاحَكَ بِلا صُرَاخٍ أو أنِين؟!. وَتَقرَعُ أجرَاسَ ألَمِكَ الخَرسَاءَ فِي صَمتٍ دَفِين؟! لِمَاذَا.. فِي قَارُورَةِ الصَّمتِ، ذَاتِ العُنقِ الصَّغِير تُلَملِمُ لُهَاثَكَ، وَتَشرَبُهُ وَحِيدَاً بِلا صَدِيق؟! أيُّهَا الوَعلُ الغَرِيب فِي غَابَةٍ أكَلَتِ الأشوَاكُ أزهَارَهَا وَمَا عَادَ لِعُشبِهَا طَعمُ البَابُونَجِ وَرَائِحَةُ النِّعنَاعِ، لا مَكَانَ لِقَدَمَيكَ النَّحِيلَتَين!؟ فَأنفُكَ مَا عَادَ يَشُمُّ رَائِحَةَ الأصدِقَاء. حَفِيفُ الغَدرِ كَثِيرٌ هَذَا المَسَاء، فَلا صَدَاقَةُ الأشجَارِ تَحمِيكَ وَلا إِنذَارَاتُ العَصَافِيرِ المُسَجَّلةُ بِاسمَكَ كُلَّ صَبَاح. أيُّهَا الوَعلُ المُبَاح.. فِي غَابَةٍ طَالَ العَفَنُ جُذُورَهَا لا فَضَاءَ أمَامَ عَينَيكَ النَّقِيَّتَين! فَاختَر قَرنَاً يَبقُرُ جَوفَكَ المَلِيءَ بِالأُغنِيَات! وَأنيَابَاً تُشَوِّهُ جِلدَكَ الجَمِيلَ!؟ فَمَوتُكَ لَن يُفرِحَ سِوَى الغِربَانِ وَالدَّبَابِير!؟