وكتب السيد أحمد بن عبد الحميد الأنصاري المريد إلى شيخ الجماعة الفقيه الأستاذ سيدي محمد بن يوسف التاملي:

الحمد لله إلى الفقيه الأستاذ, وأجل من أفاد واستفاد, وأفصح نطقبالضاد من الأنداد والأضداد. الإمام الفذ في كل فضيلة, سيدي محمد بن يوسفالناملي أدام الله صفاء مودته وماء مدته. سلام عليكم ورحمة كما هب النسيم وباكر بعد غب الروض الوسيم.
من الحب الشاكر أحمد بن عبد الحميد الأنصاري.

فاجابه:

وبعد: فقد بلغتني قطعة أعذب من العذب الزلال, وأعجب من أعاجيب السحر الحلال, فتلقتها بنان البيان بالقبول والفكر المبدول, ولكم الفضل في الإغضاء عن قصور جوابها:

إلى العالم النحرير والقدوة الذي   بعرفانه يزهو على المشرق الغرب
له قدم في السبع والعشر راسخ   كما شهدت بفضله العجم والعرب
وفي كل فن لايخاض عبابه   ويكبر أن تحصي عجائبه الكتب
ولم أر من قبل ابن يوسف عالما   تقصر عن حمل معارفه النجب
لقد زف في برد البلاغة قطعة   تود تحاكي حسنها الأنجم الشهب
يرد على النظام جوهر نظمها   لنه فرد لم يشن حسنه ثقب
بألغازها الحسنى ابن فرحون فارح   وإن كان في ميدانها طرفه يكبو
فاعرب عن ثنتين منها بيانه   وابدا محيا كان من دونه حجب
وثالثة في خدرها قد تحجبت   وقصر عن ادراكها باعه الرحب
فراودتها عن نفسها باذلا لها   نفائس فكر لايحيط بها لب
فجائت فجئت ثم قامت فودعت   وولت فرارا حين لاح لها الشيب
وقالت: ألم تدر بأنك عندنا   بغيض وان الشيب ما فوقه عيب؟
ومالت إلى شرخ الشباب وأعرضت   عن الشيخ والأجفان من بعدها سكب
واو مات إلى يحي بن عيسى   بطرفها فصار بها صبا وصارت به تصبو
وقال لها : أهلا وسهلا ومرحبا   ليهنك عندي أن مسكنك القلب
فجادت عليه بالوصال وأخلصت   له الود واستصفى مودتها القرب
فلما قضى منها لبانة فكره   تورع عنها والعفاف له ثوب