وكتب له صاحب الترجمة مرة مخبرا بمذاكرته لبعض الأدباء قائلا : السيادة المتأصلة الأصول، العريقة الفروع والفصول، حرس الله بدرها عن الأفول، وحمى بشير سعدها عن الغفول،إلخ.. قد ورد علي وفد من أدباء العصر، يأنفون عن العد والحصر، يتمارون في تعيين الأفضل الذي يعتمده الحازم، من نوعي الكرم المتعدي الواصل للغير أو القاصر اللازم، وكل فريق يحتج لمذهبه بحجة، لها في سنن القبول سبيل ومحجة، فأجبتهم من غير روية ولا تأمل، بما ليس له بإبانة خلافهم تحمل، فقلت على مالي من الجهل بأنفس المسائل، ليس المسؤول عنها بأعلم من السائل، لكن الميل إلى جادة السداد والصواب، يسهل على المجيب حسن الجواب من المعلوم أن الكرم اللازم فضيلة في صاحبه، والمتعدي فاضلة يهتدى في لاحبه، والفواضل أعظم قدرا وأجل فخرا من الفضائل، فقالوا بلسان واحد نعم القول من بئس القائل، فشعرت بأنهم بنظم درر الجواب للحق يذعنون، وحول ذلك النادي يدندنون، فنفت قلم القصور بالقطعتين حوله، مستنجدا من المولى طوله، وأدمجت في الأولى دليلا عقليا، وأتبعت الثانية بيتا نقليا، فأحببت أن يكون لأسنى المجادلات بالكل إلمام، ليستصوب أو يعارض فيتضح الكمال والإتمام.