بسم الله الرحمان الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما حمدا لمن نور بأسرار العلوم قلوب أحبائه, ونظمهم في سلك خاصة ذوي وداده وأصفيائه, وفتح عيون بصائرهم في فقد طريقه, وشرح صدورهم لاقتفاء آثار أعلى رفيقه. والصلاة والسلام الاتمان الاكملان, على نقطة دائرة الأكوان, وعلة وجودها وامدادها, ونور هديها وإرشادها, وعلى آله الأبرار, وصحابته الاجلة الاطهار, ما استعذب شرح ومشروح, وجرى كوثر حسنهما في النثر والنظم يغدوا ويروح. أما بعد فان طريقة شيخنا التجانية المحمدية, الابراهيمية الاحمدية, لما لها من المثابة الفخيمة في الدين, وشفوف المكانة التي بها صارت غرة جبين, سنة خير الهادين والمهتدين, تعين لها تقرير قواعد, وتشييد فوائد, وتأسيس أركان وحدود وقواطع, وترتيب أحكام وشروط وموانع, يعينون عن مجموع ذلك بفقه الطريق, ليتداوله من جموع الاخوان كل فريق.
ولله در مبتكر ذلك المنوال, ومستنبط ذلك المثال, أخينا في الله ذي الود الصميم, والمجد المدثل الفخيم, الفقيه العلامة أبي الفضال والفواضل اللوذعي الرئيس, سيدي الحاج عبد الكريم بن العربي بنيس.
ذاك الذي شهدت بفيض علومه   أولوا المعارف والعلوم الفاخرة
وتعرضت أقلامهم وصدورهم   للرشح من تلك البحور الزاخره
فنبع من قلمه السامي, وجرى من بمه الطامي, تلك المقدمة الرائقة, والفقهية الفائقة المسماة بدرة التاج, التي نظمت في سلك إضاءة الداج, فتصدى لشرح الأولى بشرح اكتحلت الآفاق بسنى حسنه, وابتهجت الأنفس لمحاسن يمنه, وشرح الثانية بهذا الشرح الوري الألفاظ, النرجسي الألحاظ, من منحته العناية التجانية بعض أسرارها الوهبية, نشرت عليه أرديتها الغيبية, أخونا الفقيه العلامة اللوذعي, الحبر البحر الفهامة الألمعي, أبو العباس سيدي أحمد بن السيد الحاج العياشي سكيرج عامله الله بمثوبته وإحسانه, وأفاض عليه من عميم جوده سجال فضله وامتنانه, فياله من شرح جامع لأشتات المحاسن أكثره, فاقت أنواره أشعة التريا والمجره, وأعلنت ألسن أسجاعه وأشعاره وفقاره, وجماله وأسطاره, بما لصاحبه من انفتاح البصيرة في العلوم الوهبية, ورسوخ قدمه في اكتساب المعارف الغيبية:

ليهنك يا نظم لدرة تاج   إضاءة قد فاقت بنور سراج
ويهنك من ذاك السراج بريقه   تلألأ منه الصبح وقت انبلاج
سراج كأن الشمس منه إمدادها   تعادل معناه اعتدال مزاج
سراج يضوع المسك من جنباته   ويعبق من رياه كل فجاج
يناجي بسر ثم يعلن تارة   فلله شرح معلن ومناج
فاحبب به شرحا كحلة ناسج   تأنق في ترصيعها ونساج
سداها الهدى والرشد لحمتها وما   به من نقول كالأماني لراج
وقد زانه منه اختصار مناسب   لمشروحه كالبدر لاح بداج
وهذا قريض لا يقاوم قدره   ولكن يذود الهجو من كل هاج
وعذرا لاعشى لايرى حسن درة   إضاءة داج كيف نور سراج
لذا نرتجي من ربنا جل ذكره   لشارحها ما من مناه يراج
ويمنح ذا نظم ونثر بفضله   مثوبة إحسان وحسن علاج
كذا رضى الشيخ التجاني أحمد   لاجمعنا مع والد ونتاج