نضت عن محياها المحجبة السترا   وأبدت على خوض الاراك لنا جدرا
وقامت تجر الذيل من نشوة الصبا   كما ريع ظبي عندما استشعر الذعرا
وباحت بأسرار الغرام تهتكا   وتلزمنا في الحب أن نكتم السرا
ومن فضحته في هواه دموعه   وارهفه التبريح من أمره عسره
وأضرمت الاشواق بين ضلوعه   ضراما فلم يستطع خلاصا ولاصبرا
تسابقه في جريها عبراته   ومن ذا يرد السيل ان وجد الهجرا
فكيف يواري بعد ذلك سره   وقد عاد منه السرير الورى جهرا
فذاك الذي لايخشى لوم لائم   وذاك الذي في الحب قد بلغ العذرا
يهيم به مستعذبا لعذابها   فلا يرتجي وصلا ولا يشتكي هجرا
فتاة زهاها حسنها وجمالها   فلم ترضى سدلا للبراقع والخمرا
تميس كغصن البان ونحه الصبا   تخال سكرا وماشربت خمرا
وماهو إلا ان أتاها مبشر   يقول لمن في الحي يهنيكم عشرا
هنيئا فنجم قد لاح طالعا   وأصبحت الآمال يانعة خضرا
فمن كان يرجوا ان توافيه المنا   فقد آن أن يرضى وسقت له البشرا
وقد عاد مولانا أبو الحسن الذي   يقول أنا سعد السعود ولا فخرا
سليل أمير المومنين وشبله   وصارمه ان حاول الفتكة البكرا
على الذي قد شرقت ثم غربت   علاه فلم تترك حجازا ولا مصرا
مآثره في الأرض سار حديثها   مسير نسيم الروض اذا لثم الزهرا
ومن كعلى في المكارم والندا   اذا ما الغمام الجور قد منع القطرا
فتى دخرت منه الليالي دخيرة   سيوسعها جبرا اذا صادفت كسرا
ومن كعلى في مصادمة العدا   اذا اقتادها جردا محجلة غرا
له همم أعلى من النجم قدرها   فما قيض قد نالهن ولا كسرا
وقد عاد من أرض الحجاز مهنئا   بأفضل سعى فيه قد ربح التجرا
وفاز بحج واعتمار وزورة   لخير الورى أعظم بما ناله قدرا
تسنم اتباج البحار إجابة   لداعي الهدى مستسهلا مركبا وعرا
ولما استقل البحر منه بمثله   عجبنا لبحر حامل فوقه بحرا
وهبت له باليمن من كل جانب   رياح من الإقبال دائمة المسرا
الى أن أحلته السعادة منزلا بمكة في متواه قد وقع الاسرا
وطافت به بين المقام وزمزم   وقبل ما في الركن واحتجر الحجرا
وشاهد هاتيك المواقف كلها   ونال من الخيرات مرتبة كبرا
وقال له الاسعاد ها أنت والمنا   ودونك فالدنيا تجيبك والاخرى
ومن بعد ما حاز الرغائب كلها   وودع بيت الله واستكمل الامرا
دعاه اشتياق المستجر بطيبة   فسار يجوب السير والمهمة القفرا
تلوح له الانوار من نحو يترب   وتهدي إليه الريح من أرضها العطرا
فودلو ان الريح كانت تقله   على متنها أو كان قد صاحب الطيرا
فما زالت الاكوار والعيس ترتمي   به ودواعي الشوق موقدة جمرا
فلما تبدت للحبيب دياره   جرى الدمع واهتاجت صبابته الحرا
وخرت وجوه العاشقين على الثرا   سجودا لمولاها الذي أوجب الشكرا
هنالك تعتز الملوك بذلها   ويترك فيها الكبر من الف الكبرا
هنالك حيث الدين لاحت شموسه   وحيث بدا الايمان واختزل الكفرا
منازل حن الجدع فيها لأحمد   وزلزلت الاحزاب اذ مكرت مكرا
منازل كان الوحي فيها منزلا   وكانت لها الاملاك زائرة تترا
مواطن كانت تحت باطن أخمص   به وطئ المختار في العرش اذا سرا
ألم تك أهلا ان تداس بأوجه   وتجعل في الأجفان تربتها الغبرا
تراب تهين المسك نفح أريجه   ويرخص أثمان اليواقيت والتبرا
فلو ديق من ذاك التراب وضمخت   به عاهة كانت بتضميخها تبرا
امولى الموالي يا علي بلغت ما   رجوت من الفخر الذي جاوز الشعرا
دخلت على باب السلام مسلما   على سيد الاكوان خير الورى طرا
كذاك على الشيخين سلمت بعده   ضجيعي رسول الله في الروضة الغرا
وصليت بين القبر والمنبر الذي   لديه يحط الوزرا ان أثقل الظهرا
شفيت غليلا واقتضيت مآربا   جلائل لكن لاتباع ولا تسرا
وجاءك نصر الله والفتح فارتقبت   لمطوى نصر الله ان يعقب النشرا
واعطيت كنزا من مواهب ربنا   فاعظم به كنزا وأكرم به فخرا
وألبسك المولى الكريم ملابسا   من العز لاتبلى ولاربها يعرا
بعز أمير المومنين وسعده   وأيامه التي عرفنا بها الخيرا
فنسئل ربي أن يمد ظلاله   ونسئل ربي أن يطيل له العمرا