وقوله مادحا للشريف العلامة مولاي محمد بن حين المقدسي لما قدم من المشرق, على مولانا الجد الأعظم السلطان مولاي أسماعيل يستمطر نداه, وذاك عام ثلاثين ومائة وألف:

تاقت لمرآك منذ اليوم أشواق   يا طلعة ولها بالغرب إشراق
كانت مقاصرا ملاك لها فلكا   لكنما الأفق أحشاء وآماق
حيا محياك عناء آمل ضمنت   لها النجاح عداك الذم أوراق
طيف من الشعر قد زار العلا شغفا   يقضيك حقا له وخد وأعناق
هي السيادة إلا أنها كرمت   أخلاقها ووسمت من قبل أعراق
وهي المجادة إلا أنها بلغت   بالخافقين له بالفضل إخفاق
لو نال بدر الدجى ما نال من شرف   ما أدراك البدر بعد التم إمحاق
من حبه في ضمير القلب سكنه   وقربه لا تزال النفس تشتاق
ياليت شعري لو يدري مودة من   أتى به الحب لا عسر وإماق
وهو الوفي إذا جربت خلته   له على سنة عهد وميثاق
وقوله رادا على غرسية الرسالة التي فضل فيها العجم على العرب:
أغرتك نفس يا ابن غرسية الذي   به النعل زلت في الضلالة والخف
تفضل عجما كنت لا كنت منهم   على العرب السادات ويحك لا تهف
تقول بجهل ما تحاول فيهم   وتنكر نقصا للأنام به عرف
رئيسهم الأسقف لا در دره   مناطقهم لكن قلوبهم غلف
نصاراهم لا يعرفون بغيرة   يهوديهم لاتشتهي صفعه الكف
مجوسهم يرضى تزوج بنته   جهارا وفحل السوء ليس له وقف
فهل فوق هذا العار عار لمبتكى   يكل عن التعبير عن حاله الوصف
وكم إمرة كانت عليهم لمراة   لها فيهم بين المنع والصرف
متى رفعت أقدامهم لخطابة   منابر لا تنفك يصحبها الزحف
متى عرفوا للخيل حال ولادة   يميز أعوجيها منهم الطرف
متى بسطوا فيهم بساط كرامة   فأصبح يثني عن مكارمهم ضيف
وتلك فعال ليس ينكرها لمن   زرته ببغي قومك العجم السخف
ومالك عن قوم إذا ما ذكرتهم   ذكرت نعيما ناله ذلك الصنف
ترى الفخر في تلك المطارف والعلا   بتلك الحشا يا زادها زينة سقف
وذاك لعمري في الحقيقة حال من   يروقك منهن التمايل والردف
من العرب الألي عليهم تقصفت   حروب تحاكيها الزلازل والخسف
تشن عليهم غارة بعد غارة   فنال مناه فيهم الرمح والسيف
وقادت سبايا حاسرات تقدمت   إليهم بخيل في أعنتها الحتف
وما برحوا حتى أمالوا عروشها   ودق بقاياها الهزائم والزحف
وصارت ثلاثا مسلما ومجدلا   قتيلا ومعطى جزية وبه خوف
عساكر تحمي جارها ونجارها   مآثرهم لا تستقل بها الصحف
فحبك منها في الفخار نبينا   له نسب فيهم يصوغ له عرف
وحسبي من نصري لهم ما أطيقه   من القول إن غرسية يجف
وقال متوسلا بأسماء الله الحسنى, ومحصيا لها نظما سنيا أسنى:
رب بأسمائك أدعوك عسى   أكفي مئونة الصباح والمسا
يا خير من ني طبه الرجاء   وخير من إليه الإلتجاء
كن لي لا علي يا الله   بحق لا إله إلا الله
أعوذ من عداء كل عاد   بك ومن شماتة الأعادي
يا أول سواك لا يعول   عليه والأيام فينا دول
يا آخر يا باطن يا ظاهر   تعاظم الأمر ولا مظاهر
ويا غني بك صرت ذا غنى   فجد بما أملت فيك من منى
يا صمد يا قادر يا وال   قنى أذى الولاة والموالي
يا مؤمن يا مالك الخلق الرءوف   لا تسلمني ما بقيت لمخلوف
بك استأجرت يا معز يا عزيز   طوبى لمحنم بحرزك الحريز
ظني جميل بعلاك يا حليم   ويا عفو يا حفيظ يا عليم
من استشاط غضبا بما يخيف   فالعبد منه في حماك يا لطيف
إن جار أنت الجار يا رحمن   من كل ما كاد به الزمان
حاشاك ربي بهضيمة يسام   من بك عاذ من بني حام وسام
إن قبل إني لغريب ضائع   بالامتناع قلت ربي المانع
فإنه العدل الجليل النافع   القابض الباسط للمنافع
يا حي يا قيوم عجل بالفرج   وخلصن عبدك من كل حرج
يا نور كل شيء يا صبور   عظيم يا خبير يا شكور
كن لذنوبي يا غفور غافرا   يا واحد وللعيوب ساترا
وكلما ثقلت الأوزار   يا مالك أنت لها غفار
ويا علي من يا وهاب   علي بالتوبة يا تواب
يا بر وارحم صبية صغارا   سيموا على صغرهم صغارا
لك رفعت أمرهم وأمري   آذاهم بعض ولاة الأمر
أخرجني من بينهم لما احتكم   وأنت فيما بيننا نعم الحكم
ويا قوي يا متين يا مجيد   يا محص أنت لي وكيل وشهيد
أشكو إليك يا ولي يا متعال   أنت الذي تنصف سافلا من عال
عز علي يا مذل من علا   يبغي مساءة لنا بين الملا
يا مغن يا كبير يا مغيث   يا محيي يا حسيب يا مميت
يا خالق يا باريء يا واجد   يا متكبر رحيم ماجد
لك العلى يا خافض يا رافع   بفضلك اجمع شملنا يا جامع
رد علينا نعمنا يا ذا الجلال   حقا والإكرام فأنت خير وال
يا مبديء ويا معيد يا رقيب   يا واسع أنت الودود والمجيب
قدرت يا مقتدر بديع   قدوس يا بصير يا سميع
ففك أسري من يد اغتراب   وامنن علي بني باقتراب
يا مقسط يا حق واحكم بيني   وبين من رماهم ببيني
قهرت بالعزة يا قهار   ما اعتقباه الليل والنهار
لحكمة فعلك يا منتقم   مهيمن مؤخر مقدم
أنت الحميد الضار بل والباعث   والباقي بعد خلقه والوارث
وليس في الإمكان يا جبار   يكون إلا ماله تختار
رزاق يا فتاح يا كريم   رشيد يا مصور حكيم
منك السلامة سألت يا سلام   يا هادي واهدني إلى دار السلام
أحصيت أسماءك وهي الحسنى   إحصا تعلق سنى أسنى
أرجو به بلوغ كل أمل   يا رب واختم لي بخير عمل
ثم الصلاة مسكة الختام   على النبي لبنة التمام
والآل والصحب هداة قادة   للدين من ألقى لهم مقاده