وقال يرثي أخاه أبا الحسن علي:

لا تله غيرك أربع وعقار   وتمتع بمناكح وعقار
فالدهر لا يبقي علي حي ولا   فيما جناه تدرك الأوتار
ثارت لفقدك يا أبا الحسن الرضا   زفرات مصدور لها أثار
أسفا عليك لما بدا وتلهفا   لورود أمر ما له إصدار
ألقيت نفسك في مها وقد هوت   بالعلم مذ رخص له أسعار
ضيعت عمرك في الفضول ألم تكن   تزهو ببهجه علمك الأمصار
ما كان خصك حين كنت بمجلس   ترتاده الأسماع والأبصار
وتري محاسنك التي لم تحتمل   إحصائها الأفواه والأسطار
غرتك بالمألوف بارقه المني   حتي قضيت وما انقضت أوطار
ولطالما قطعتك عنا غيبه   في غير شيء كانت الأسفار
فإذا تراءتك العلوم استرجعت   وتراجعت من صفوفها الأكدار
لله ما حملته في شقه   شقت لها الأطواق والأزرار
راعيت ذمه من خدمت ولم يكن   يرعي الذي تختار ما يختار
نظرت لك الأمال شزرا منهم   وعداك منها الجهر والإسرار
قصرت لديهم عنك كل شفاعه   وتباعد التقريب والإيثار
ولكم شفعت وما انتفعت بشافع   ما هكذا تتكافأ الأحرار
أولي فأولي أن يقال وللعلي   تتطاول الأشباه والأنظار
إن يقتلوك فإن قتلك لم يكن   عارا عليك ورب قتل عار
إن يقتلوك أخي فتلك شهاده   شهدت بصادق وعدها الأثار
هب أنهم عدوا لمثلك زله   أفلا يقال لمن يحب عثار
ما ضرهم فيما أتوا لو أنهم   منوا ولو قبلوا بدت أعذار
لكن مقاله حاسديه أوجبت   ما كان لا البينات والإقرار
بشر مباشره بقول لم يزل   يسمو بشهرته لذاك منار:
شلت يمينك إن قتلت لمسلما   حلت عليك بمن قتلت النار
غابت بواكي ميت في غربه   وجفاه من يغشاه والزوار
وكذلك الدنيا متي ما أقبلت   ولت لها الإقبال والإدبار
لو شاء ربي لم يكن شيء ولا   شمت العدا لما بدا الإضرار
ولرب مسرور بمصرعه الذي   من قبله حكمت به الأقدار
إن يشتفي أني له بالأمن من   تلك المصارع أم له أنظار
والله يفعل ما يشاء في ملكه   بالحق وهو الفاعل المختار
وهو المؤمل أن يصير أخي إلي   جنات عدن تحتها الأنهار
وهو الذي يرجي لكل عظيمه   ومن استجار به فنعم الجار
وهو الذي رفعت إليه ضراعتي   في غفر ذنبي إنه غفار
وهو الذي عم الوري إحسانه   ما غاضه الإلحاح والإكثار
وهو الذي ما زلت ارجو فضله   لا نال ما اهوي وما أختار
وهو الذي أن جيئته ألفيته   ما دون ما أملته أستار
وبه ندافع ما نخاف من الأذي   لا ما تحاوله لنا الأنصار
وبه العنايه في المطالب كلها   ما صرحت أولا به الأشعار