وقد كتم الفقيه أبوبكر في هذا الكتاب خبر أخذ بلده وطواه, وأومأ فيه اليه اكتفاء بما بين في سواه, فقد كان كتب إلي قبله كتابا يصف فيه ذلك وكان صدره بهذه الابيات (منسرح)


يا أيها الراكب الذي طلما   لقيت مستوطنا ومنتجعا
انزل وحدث بما تشاء فقد   وجدتني للحديث مستمعا
لعل في مقتضى حديثك من   أنباء ما قد وددته لمعا
أستودع الله لاأقول هوى   قطع قلبي بصده قطعا
لكن صديق حمدت خلته   لدن شربنا كأس الصفاء معا
من غير خانة له خلق   على المعالي مزاجها طبعا
أنعم صباحا على البعاد أبا   محمد لابرحت مصطنعا
واحفظ فؤادي لديك إني قد   تركته في حماك منقطعا
أما ودادي الذي علمت به   فإنه في الضمير قد ربعا
لولا ولاء ظفرت منك به   لكنت أشدو بتونس جزعا
(وارحمنا للغريب بالبلد النازح ماذا بنفسه صنعا)


فصدرت الجواب عن كتابه هذا بقولي, وأشرت الى بسط القضية


حدث عن الحادث الذي وقعا   تلف مصيخا إليك مستمعا
وهاك ما قد سمعت منه وإن   تركت قلبي بذاك منصدعا
هل معهد الأنس كيف كان فقد   عهدته للكمال مجتمعا
وهل حمى العز فيه محترم   أم سلب العز منه وانتزعا
وأين ناس هناك أعهدهم   على المعالي جميعهم طبعا
من كل طلق اليدين مبتسم   أرضع در السماح فارتضعا
تلقيه كالنجم رفعة وسنا   لابل كبدر الدجى إذا طلعا
باكر هم حادث ففرقهم   وأذهب الناس والبلاد معا
وجر عدوانه فجرعهم   به من الهم والأسى جرعا
ياليت شعري وفي المنى سعة   إن أبقت الحادثات مستمعا
هل يرجع الدهر مامضى فلكم   قد عاد من ذاهب وكم رجعا
أم لايرى عائدا فوا أسفي   على زمان مضى ووا جزعا
هيهات تم القضاء وارتفعت   مطامع النفس عند ما ارتفعا
فلست مما طلبت عودته   أول من المحال قد طمعا
عهدي بهم والشجون تقلقهم   لاجنب منهم يزور مضطجعا
منثرا في البلاد نظمهم
                        يا من رأى السلك بعد ما انقطعا
امر من الله لا مرد له   لم يبق كهلا منهم ولا يفعا
وخدعة تم أمرها   فمضت   وكم سديد الآراء قد خدعا
هاك سلامي على البعد ابا   بكر فقلبي إليك قد نزعا
وثق بود ادين فيك به   ملتزما منه كل ما شرعا
إن حال خل عن السودة أو   اجاب داعي السلو حين دعا
فاعلم بأني والصدق من شيمي   ممن رأى حفظ عهده ورعا
وانني ما قطعت ذكرك بل   مازلت للشكر فيك منقطعا
أقسمت بالركن والمقام ومن   قد طاف بالبيت نحوها وسمى
ما طاب لي بعدك البقاء ولا   وجدت لي في الحياة منتفعا