الا في سبيل الله ادمان غربتي وتقريب تاويني وتبعيد اوبة
تغرب عن اهلي وانسي والفتي ولهوي وزهو وانبساطي ونعمة
وصرت الى فقر ووحش وفرقة وهم وغم وانقباض ونقمة
وفارقت من لو دام في العين ثاويا لكان لها كالنوم من بعد يقظة
وعاشرت من لو كان في الغرب لسرت لافظا الشرق في طي لمحة
وباينت من لو بان عني حقيقة لمت باشواقي له الف مؤنة
وعاينت من لو مالت العين نحو اراه عليها شروز روزلة
فيا راكض الوجناء تجهد في الثرى وتطوي الفيافي بقعة بعد بقعة
فجدا على كثبان رمل مهيلة وهايلة تربوا على كل ربوة
وابصرت في الصفر اصفرارا باهلها ومن بعدها الحمراء ذات التقية
...
وسرت بأرض لو تسير بها القطا   لضلت وما دلت على ورد جرعة
كأن هدير الريح فوق بساطها   حزين يوالي زفرة بعد زفرة
كأن جياد الخيل من عرق بها   سفائن بحر خضن في وسط لجة
...
تزلزل أطراف البلاد فلو علت   جحافلها فوق الجبال لدكت
اذا ما تمشت في الحضيض تخالها   عقارب صيف في ربى الرمل دبت
كأن كرام الناس في صهواتها   بدور بأفلاك الجمال تجلت
كأن أنين العيس وأد هجيرها   بكاء عميد ذاق أول عشقة
...
وجئت إلى تازا الزكية زائرا   بلاد لها في الغرب أقدم نسبة
هناك ترى من آل فاس معاشرا   لهم عشرة تزهو على كل عشرة
أناس بهم زان الاله بلاده   كما ازدان محبوب بحسن الطوية
...
وبلغت فاسا موضع الحلم والتقى   فمن حلها تغنيه عن كل بلدة
بلاد بها نيطت على تمائمي   ومنها ابتدائي في الوجود وتربتي
فكم من صديق لي بها متعطف   أميل لمآه وتصيبه رؤيتي
..
فآه على جناتها ونعيمها   فيها نعيمي في الحياة وجنتي
وآه على نهر الجواهر سائلا   كمثل عقار سال عن عين فضة
اذا اخضر منه النبت وأبيض ماؤه   يحاكي عذارا لاح في حسن صفحة
وأعذب من شنيل والنيل ذوقه   وأغزر من نهر الفرات ودجلة
وسلم على تلك المرابع كلها وسل لم قضا لي الدهر عنها بغيبة
اخص به أهل الصبابة والهوى وكل عشيق ذي حياء وعفة
وكل أديب ثاقب الدهن بارع خلائقه مثل الرياض الزكية
سلام لطيف كالنسيم إذا سرى صباحا على زهر الربيع بروضة
بمنى اليهم صبوة ابن ملوح ولي منهم أشواق غيلارمية
معاهد كان الخطى يجمعني بها واياهم في خير يوم وليلة
فما شافهني اذ ساقني القلب نحوها سوى هامة العليا وعير المرية
ربي المعالي في سرور ولدة ورب العدالي في شرور وشدة
...
حكى في التقى بشرا وفي الفضل خالدا   وفاق ان ثور في سماح ورأفة
فراسته تنسي أياسا ومالكا   وينسي ابن سينا في ذكاء وحكمة
تجمع فيه كل مجد وسؤدد   كما تاق ملسوع لانفع رقبة
ألا ليت شعري هل أراه بناظري   وهل تسمح الايام منه بزورة
وتنظمنا الاقدار في سلك أنسها   كما انتظم الدر النفيس بلبة
...
فيا بهجة الدنيا وبيت قصيدها بفضلك جد واقبل سماع قصيدتي
أتتك بعزم من بلاد بعيدة تقبل اطراف البساط بحشمة
وليس لها الا المحبة باعث وحس صفا قلبي واخلاص نيتي
ادامك ربي في ارتفاع وعزة ومجد وجد وانشراح وصحة